الرواشدة: الفدرالي الأميركي يوجه ضربة قاضية للاقتصاد الأردني
كتب المستشار الاقتصادي محمد الرواشدة:
بداية اعتذر عن الاطالة لكن ما يحدث في العالم وداخل اقتصادنا الوطني يستحق المتابعة...
الاقتصاد العالمي لن ينمو اكثر من 4% هذا العام حسب تقديرات صندوق النقد الدولي حيث كان يتوقع ان يصل النمو الاقتصادي العالمي حوالي 5.5 % وتراجع مؤخرا ليعلن ان العالم باكمله سيتأثر بالحرب الروسية الاوكرانية ولعلنا نختصر هذا التاثر بارتفاع اسعار النفط وارتفاع اسعار المواد الغذائية عالميا ....
المهم هنا ما حدث يوم الخميس الماضي من قرارات متوقعة للبنك الفدرالي الامريكي الذي قرر رفع سعر الفائدة على الدولار بواقع نصف نقطة مئوية وبالتالي السعر الحالي لسعر الفائدة على الدولار هو 1%، ان هذا الارتفاع في سعر فائدة الدولار هو الاعلى منذ عام 2000 ، والسبب الابرز لهذا الارتفاع في اسعار الفائدة هو احتواء معدلات التضخم التي اصبحت مرتفعة جدا لمستويات غير مسبوقة وصلت الى 8.5% وهو اعلى معدل تضخم وصلت اليه الولايات المتحدة منذ عام 1981، وقد ارتفع التضخم ( ارتفاع مستمر في الاسعار continuous increase in prices ) لتلك المستويات بسبب ارتفاع اسعار النفط وارتفاع اسعار السلع الغذائية وضخ حجم سيولة كبير داخل السوق الامريكي لمواجهة جائحة كورونا .
هذا الارتفاع باسعار الفائدة كانت نتيجته تقلبات كبيرة في الاسواق العالمية بسبب القوة الكبيرة للدولار قابلها انخفاض كبير ومستمر في اليورو والجنيه الاسترليني لكنه برايي الشخصي انخفاض مؤقت ، ورافقه ارتفاع باسعار الذهب على عكس ما كان متوقعا بسبب ضغوط الحرب وحالة عدم اليقين التي يعيشها العالم ورافقه ايضا ارتفاع باسعار النفط لاكثر من 110 دولار وهذا السعر غير صحي للاقتصاد العالمي واعتقد ايضا ان هذا السعر مؤقت سينخفض في المراحل القادمة... ورأينا التقلبات في مؤشر الداو جونز والنازداك والداكس الالماني وغيرها من المؤشرات .... اسواق تتحرك بشكل جنوني وتاثيرات متوقعة وغير متوقعة .... الاسواق المالية شهدت تقلبات بالارتفاع والانخفاض بشكل جنوني..
ما يهمنا اليوم واقع الاقتصاد الاردني المرير الذي يعاني من تشوهات كبيرة ومشاكل تحتاج الى عصا سحرية بالوقت الحالي بسبب التخبط في السياسات الاقتصادية وخاصة المالية في الاعوام العشرة الماضية....
اما حديثنا عن السياسة النقدية يقودنا اولا للحديث عن سعر صرف الدينار وبرأيي ان الدينار الاردني ما يزال قويا وهو ليس موضوعا يقبل النقاش بسبب الارتفاع الكبير في الاحتياطيات الاجنبية حوالي 17 مليار دولار بما فيها احتياطي الذهب وهو يغطي تسعة شهور مستوردات وهو اعلى من المعدل العالمي المعتمد من صندوق النقد الدولي (تغطية ثلاثة شهور مستوردات على الاقل )...
لقد كانت ردة فعل البنك المركزي متوقعة وسريعة بعد قرار رفع الفدرالي الامريكي لسعر الفائدة بواقع نصف نقطة مئوية ، حيث قرر رفع سعر الفائدة على الدينار بواقع نصف نقطة مئوية مماثلة ،،،،، وهذا يعني رفع سعر الفائدة على القروض ورفع سعر الفائدة على الودائع بالدينار لللمحافظة على فرق مماثل بين سعر الفائدة على الدينار والدولار ..... والسؤال هنا هل هذا صحي للاقتصاد الاردني ؟؟؟؟؟؟
ولنكون منصفين البنك المركزي الاردني حريص على سعر الصرف وهو احد اهم اهدافه بقانون البنك المركزي ..، لكن اذا كنت مضطرا فيجب ان تكون هناك ادوات اخرى تحفز النمو الاقتصادي حتى لا يتأثر الاقتصاد سلبا كما هو متوقع.... ان رفع سعر الفائدة على الدينار بهذا الوقت غير صحي ابدا وهو بمثابة مقتل للاقتصاد الوطني فكلف الفائدة سترتفع وعدد المتعثرين سيرتفع وكلف الاقتراض سترتفع وهذا سيؤثر سلبا على حركة الاستثمار داخل الاقتصاد وداخل السوق المالي ، وكلف الانتاج سترتفع وخاصة القطاع الصناعي وقطاع الخدمات والزراعة .... وهنا تتوجه الانظار للسياسة المالية بشقيها الضرائب والاتفاق الحكومي
هل ستقوم الحكومة لتحفيز النمو الاقتصادي بتخفيض الضرائب والعبء الضريبي وهل ستقوم بزيادة الانفاق الحكومي وبخاصة الانفاق الرأسمالي .... السؤال استنكاري والجواب معروف لن تقوم باي شيء وهنا الضحية سيكون المواطن الاردني والمستثمر المحلي وسيتسمر افتصادنا بالتدهور والانخفاض .... واختصار الحديث الاقتصاد الاردني لا يشبه نهائيا الاقتصاد الامريكي الذي ينمو ب 4-5% بينما اقتصادنا يتوقع ان ينمو ب 1.5% حسب تقديرات صندوق النقد الدولي .... البطالة في الاقتصاد الامريكي 3.6% بينما نعيش في اقتصادنا الوطني بطالة 50% بين الشباب ما دون 29 عاما ..... اقتصاد ضعيف لا يستطيع ان يتحمل اكثر من طاقته ..فدرالي ياخذ قراره لتصويب الاوضاع داخل الاقتصاد الامريكي وناخذ قرارا مماثلا يقصم ظهر اقتصادنا الوطني ...وتحياتي