تعديل حكومي يغيّر قواعد الحجز على الأموال المديني
في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتحقيق التوازن بين حماية المال العام وتخفيف الأعباء عن المدينين، أقرّ مجلس الوزراء، الأحد الماضي، تعديلاً جديداً على قرار الحجز على أموال المدينين لصالح مديرية الأموال العامة في وزارة المالية، بحيث أصبح الحجز مقتصراً على مقدار الدين فقط من الأموال غير المنقولة، أو على أقرب قيمة مساوية له من العقارات القابلة للحجز.
ويأتي القرار ضمن توجه حكومي لتطوير آليات تحصيل الأموال العامة بما يضمن العدالة والشفافية ويحافظ على حقوق الخزينة، دون الإضرار بحقوق المواطنين أو تعطيل مصالحهم.
تصحيح لخلل قديم
ويرى قانونيون واقتصاديون أن القرار يُعدّ تصحيحاً لإجراءات سابقة كانت تسمح بالحجز على كامل العقار أو ممتلكات المدين، حتى وإن تجاوزت قيمتها المبلغ المستحق، وهو ما كان يتسبب بصعوبات مالية كبيرة ويعيق الأنشطة التجارية والاستثمارية للأفراد.
وبحسب التعديل الذي أقرّه مجلس الوزراء، أصبح الحجز مقتصراً على مقدار الدين فقط من الأموال غير المنقولة، أو على أقرب قيمة مساوية له من العقارات المتاحة للحجز، بينما يبقى الحجز على الأموال المنقولة كما هو معمول به حالياً، بحيث يكون بمقدار الدين المستحق فقط.
كما اشترط القرار إبرام تسوية أصولية لرفع الحجز عن الممتلكات، عبر تقديم الضمانات الكافية لحماية حقوق الخزينة، وإحضار تقدير رسمي من الجهات المختصة يحدد القيمة الفعلية للأموال المحجوزة.
آراء قانونية واقتصادية
ووصف نقيب المحامين الأسبق مازن إرشيدات القرار بأنه "خطوة إيجابية تُسهم في التطبيق السليم للقانون"، موضحاً أن الحجز في السابق كان يشمل كامل أموال المدين غير المنقولة، كالأراضي والمباني، حتى وإن كانت قيمتها تفوق الدين بكثير، في حين أن التعديل الجديد يجعل الحجز بمقدار الدين فقط، ما يمنح المدين مساحة للتصرف بعقاراته وتسديد التزاماته دون أن يُشل نشاطه الاقتصادي.
أما المحامي أحمد بطمة، فاعتبر أن الحجز في السابق كان يتم بطريقة "مبهمة"، حيث لم يكن المواطن يعرف قيمة الحجز الفعلية، وكان يُمنع من إجراء أي معاملة على العقار حتى لو كانت قيمة الدين بسيطة مقارنة بقيمة العقار، مؤكداً أن القرار الجديد يعيد التوازن والوضوح في الإجراءات القانونية.
من جانبه، أكد وزير تطوير القطاع العام الأسبق الدكتور ماهر المدادحة أن القرار يحمل آثاراً اقتصادية إيجابية، لأنه "يزيل العقبات التي كانت تقف أمام المستثمرين والتجار، ويُسهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتسريع تحصيل أموال الدولة"، مضيفاً أن النظام القديم كان يؤدي إلى حجز ممتلكات تفوق قيمة الدين، ما كان يعيق النشاط التجاري ويؤخر تسويات الديون.
توازن بين الحقوق العامة والخاصة
ويُتوقع أن يسهم القرار الجديد في إيجاد توازن بين حماية المال العام وتخفيف القيود على المدينين، بما يعزز الثقة والاستقرار في بيئة الأعمال ويشجع على الاستثمار المحلي.
ويستند القرار إلى أحكام قانون تحصيل الأموال العامة رقم (6) لسنة 1952 وتعديلاته، الذي يحدد إجراءات التحصيل والحجز، وينص على إعلان المبالغ المستحقة على المكلفين، ومنحهم مهلة للدفع قبل اتخاذ قرار الحجز أو البيع. كما يوضح القانون أن الحجز على الأموال المنقولة أو غير المنقولة يتم بقرار من الحاكم الإداري بعد مرور المدد القانونية المقررة.
وبموجب التعديلات، فإن الحكومة تسعى إلى تفعيل تحصيل مستحقاتها بطريقة أكثر عدلاً ومرونة، بما يحافظ على المال العام ويمنع تعطيل النشاط الاقتصادي للأفراد والمؤسسات.

