أبو رمان: بداية المرحلة الأخطر.. والعرب أمام فرصة أخيرة

{title}
أخبار الأردن -

 

قال أستاذ النظرية السياسية الدكتور محمد أبو رمان إن المرحلة الراهنة ما تزال تتسم بالقلق وعدم الاستقرار، رغم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي أوقف جولة دامية من المواجهات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.

وأوضح أبو رمان، لإذاعة حياة إف إم، أن الاتفاق لا يمثل نهاية للأزمة بل بداية مرحلة سياسية جديدة ومعقدة، مشيرا إلى أن نتائج هذه المرحلة ما تزال مفتوحة على احتمالات عديدة.

وأكد أن وقف إطلاق النار حرّك المياه السياسية الراكدة وخلق زخما دبلوماسيا واسعا، تمثل في تحركات دولية وإقليمية مكثفة، أبرزها الجهود الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، إلى جانب دخول دول عربية مؤثرة مثل مصر وقطر والسعودية والأردن وتركيا على خط المفاوضات، في ظل نشاط أوروبي متزايد لضمان استدامة الهدوء في القطاع ومنع تجدد المواجهات.

وأشار أبو رمان إلى أن الوضع ما يزال هشا ومفتوحا على مخاطر عديدة، معتبرا أن الطريق نحو تسوية سياسية حقيقية ما يزال طويلا وشائكا بسبب تضارب المصالح الإقليمية وتباين المواقف بين الأطراف الفاعلة.

العلاقة بين ترامب ونتنياهو

وحول الموقف الأميركي من إسرائيل، قال أبو رمان إن الرهان على فصل الأجندة الأميركية عن الإسرائيلية هو “رهان ضعيف”، موضحا أن السياسات الأميركية يصعب فصلها عن مصالح اليمين الإسرائيلي رغم أن المنطق السياسي يفترض عكس ذلك.

وبيّن أن التيار الإنجيلي الصهيوني المسيحي أصبح قوة ضغط يمينية مؤثرة داخل الولايات المتحدة، وله تأثير مباشر على قرارات الرئيس ترامب، إذ يُستخدم هذا التيار – بحسب قوله – كأداة لتمرير الرؤية الإسرائيلية عبر البوابة الأميركية.

وأضاف أن ترامب هو الوحيد القادر على كبح جماح نتنياهو، لكنه مختطف سياسيا من قبل اليمين الصهيوني، الأمر الذي يجعل الرهان على الضمانات الأميركية “موضع شك دائم”.

حماس والاتفاق

وفيما يتعلق بموقف حركة حماس، قال أبو رمان إن الحركة لم تكن تملك خيارا آخر سوى القبول بالمقترح الأميركي، مشيرا إلى أن رفضه كان سيعني انتحارا سياسيا لها ولغزة بأكملها.

وأوضح أن موافقة حماس جاءت بذكاء سياسي، إذ ربطت قبولها بضمانات محددة واستدرجت إدارة ترامب إلى تقديم التزامات واضحة، رغم استياء نتنياهو من هذه الخطوة.
وأكد أن المرحلة المقبلة ستكون الأصعب على حماس، لأنها ستواجه مفترق طرق حاسما بين الحفاظ على وجودها السياسي والتعامل مع الضغوط الإسرائيلية والدولية.

السيناريوهات العسكرية

وعلى الصعيد الميداني، أوضح أبو رمان أن إسرائيل لن تنسحب كليا من قطاع غزة، بل ستُبقي على قوات برية جاهزة للتدخل عند الحاجة، استنادا إلى خطة ترامب.

وأشار إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على الهيمنة الأمنية ومنع أي مظاهر تسلح فلسطيني، عبر استخدام الطائرات المسيرة والطلعات الجوية لضبط الأوضاع الميدانية.

الدور العربي.. من الوساطة إلى الشراكة

ودعا أبو رمان الدول العربية إلى الانتقال من دور الوسيط إلى دور الشريك الفاعل، من خلال إرسال قوات عربية وإسلامية لحماية الفلسطينيين في غزة ومنع إعادة الاحتلال الإسرائيلي.

واعتبر أن هذه الخطوة ستفرض واقعا جديدا على الأرض، مشيرا إلى أن القوات العربية ستكون أكثر فاعلية من قوات الأمم المتحدة مثل اليونيفيل في جنوب لبنان، لأن الحالة الفلسطينية تتطلب غطاء عربيا مباشرا.

الانقسام الفلسطيني

وفي ما يتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني، شدد أبو رمان على أن الانقسام بين حركتي فتح وحماس يبقى العقبة الأكبر أمام أي تقدم سياسي، داعيا إلى تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية موحدة لتجاوز الأزمة.

وقال إن فشل التوافق بين الحركتين يمنح إسرائيل هدايا مجانية ويُضعف الموقف الفلسطيني في أي مفاوضات مستقبلية.

مستقبل السلطة الفلسطينية

وبيّن أبو رمان أن السلطة الفلسطينية تمر بمرحلة صعبة وسط مشاريع متناقضة لإصلاحها، فبينما يسعى المشروع الإسرائيلي لتحويلها إلى كيان إداري منزوع السلاح، يعمل المشروع العربي الأوروبي على إعادة بنائها بما يخدم قيام الدولة الفلسطينية.

وأكد أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية يحمل أهمية رمزية كبيرة لكنه لا يغيّر الواقع الميداني، مشددا على ضرورة بناء تحالف دبلوماسي عربي أوروبي يعترف بدولة فلسطينية تحت الاحتلال لإحباط مشروع نتنياهو الذي يستهدف الوجود الفلسطيني برمته.

وفي ختام حديثه، اعتبر أبو رمان أن المرحلة القادمة مليئة بالأفخاخ السياسية والتحديات الإقليمية، مؤكدا أن إسرائيل تسعى لإعادة تشكيل المنطقة وفق رؤيتها الأمنية، في حين أن العرب والفلسطينيين أمام فرصة أخيرة لإعادة بناء موازين القوى والانتقال من الدفاع إلى الفعل السياسي المنظم.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية