للذين يعتقدون أننا سننجو... إليكم مصير المنطقة
قال الأستاذ المشارك والباحث المتخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية الدكتور علي النظامي إنه لا مفرّ - بل من المستحيل - أن يكون هناك تراجعًا عن أي بند من بنود المشروع الإسرائيلي في المنطقة العربية، لأن هذا المشروع صيغ كأجندة عابرة للأجيال، تتجاوز أفرادًا وزعاماتٍ، وتُحمَل كإرثٍ استراتيجي يوارثه من يعتبرون أنفسهم صنّاعَ هذا المسار التاريخي.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه عندما خطا إسحاق رابين خطوةً جدّية نحو سلامٍ مع العرب، كان الردّ من اليمين المتشدد اغتيال الزعيم الذي جرؤ على خرق تسلسل التاريخ الرسمي؛ ومن ثم، وبعد صعود التيار المحافظ، انهارت آليات السلام التي بدأت تتشكّل، وتعرّضت مؤسسات القيادة الفلسطينية لهزات عنيفة أفضت إلى تفكيك بنى كانت قائمة، وصولًا إلى تصفية رموزها.
وبيّن النظامي أن ما نراه اليوم ليس سوى استمرارٍ لمنطقٍ تاريخيّ يتعامل مع أي خروج عن المسار بوصفه خيانةً لمشروعٍ مُتلِف؛ ولذلك تراكمت خطواتٌ متتابعة تهدف إلى استبعاد قوى محورية من المعادلة السياسية - كانت حماس واحدةً من هذه الحركات التي وُضِعت عمليًا أمام معادلة إقصاء أو استئصال، متسائلًا حول ما إذا كان لدى العرب مشروعٌ معادل يواجه به هذا المشروع التاريخي في عمقه ومقاديره.
ونوّه إلى أن الإجابة العملية تقضي بأن المواجهة لا تكون بكلماتٍ عاطفية أو بأحلامٍ مُعلّبة، فالمواجهة تتطلب مشروعًا متكاملًا، رسميًا وشعبيًا، اقتصاديًا واستراتيجيًا، حتى يستطيع مجابهة النفوذ وإعادة صياغة رافعات القوة الإقليمية، مردفًا أن النظر إلى تاريخ الصراعات الكبرى يعلّمنا أنّ من حاول مواجهة مشروعٍ متأصلٍ بلا أدواتٍ متكافئة انتهى إلى الهزيمة أو إلى دفع ثمن باهظ؛ فقد شهدنا كيف استخدمت دولٌ قوة نارٍ مدمرة حين اعتبرت أن أيّ رُكودٍ في الحسم يعني هزيمة لمشروعها.
ولفت النظامي إلى أن قدرة أية دولة عربية على مواجهة مخططٍ تراثيّ تصبح محدودةً للغاية إن لم تتسم بالواقعية والبراغماتية؛ فالوهمُ والعواطفُ وحدها لا يصنعان بدائل استراتيجية، داعيًا النخب أن تكون صريحةً مع شعوبها بشأن حدود الإمكان، وبشأن تكلفة المواجهة، وبشأن ضرورة بناء طموحات واقعية قابلة للإنجاز.
واستطرد قائلًا إن مواجهة مشروعٍ يمتد عبر أجيالٍ تتطلبُ مشروعًا مضادًا مسنودًا بوسائل القوة والقدرة السياسية والاقتصادية والتعبئة المجتمعية؛ وإلا فإنّ البقاء في حالة تهويمٍ واعتقادٍ بأنّ الإرادة وحدها كافية هو وصفةٌ للتيه والانسحاق، لا للانتصار والتحرّر.

