الأردن في مركز الإعصار... تحولات مقبلة قاسية
قال الكاتب الصحفي سامح المحاريق إنّ المنطقة تقف اليوم على أعتاب لحظة فارقة تُشبه الانعطافات الكبرى التي غيّرت وجه التاريخ الحديث، مشيرًا إلى أنّ التحوّلات الجذرية التي انطلقت منذ وباء كورونا كانت الصفارة الأولى لانهيار النموذج الصناعي العالمي الذي جعل من الصين “مصنع العالم”، قبل أن تتوالى الأزمات لتطال اليابان وكوريا الجنوبية وسائر الاقتصادات القائمة على "مجتمعات الاحتراق".
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ هذا التحوّل العميق ترافق مع إعادة هيكلة جغرافيا المصالح الكبرى، حيث دفعت الحرب الروسية الأوكرانية – التي يُرجّح أن تُختتم بطريقة "ترامبية" غير تقليدية – نحو إعادة توزيع الأدوار في النظام الدولي، بحيث يصبح الشرق الأوسط محورًا حاسمًا في رسم خطوط التجارة الجديدة التي ستربط آسيا بأوروبا.
وبيّن المحاريق أنّ إسرائيل سعت إلى تقديم نفسها بوصفها الدولة "المباركة" والمحورية القادرة على إدارة هذه الخطوط التجارية الجديدة، مستفيدة من موقعها الجغرافي واستثماراتها المبكرة في القرن الإفريقي، في حين روّجت لمعادلة ثلاثية جديدة تقوم على التكنولوجيا الإسرائيلية، والمال الخليجي، والعمالة المصرية، لكنها في الجوهر – كما يرى – معادلة تهدف لترسيخ الهيمنة الإسرائيلية على مفاصل المنطقة.
وأشار إلى أنّ الحديث عن حرب قادمة مع إيران لم يعد احتمالًا بعيدًا، إذ تسعى القوى الغربية إلى تحييد طهران بعد أن فقدت أوراق ضغطها تباعًا، في حين ينزع اليمين الإسرائيلي نحو التحرّر الكامل من أي قيود سياسية أو ضغط دولي، الأمر الذي يخلق، بحسب وصفه، "شهوانية إسرائيلية متطرفة تجاه السيطرة"، باتت تُقلق حتى اليمين الأمريكي ذاته، لأن المشروع الذي يُعاد هندسته أوسع من إسرائيل، لكنه لا يمكن أن يُنفّذ بدونها.
ونوّه المحاريق إلى أنّ خطة ترامب الأخيرة بشأن غزة لم تكن معزولة عن هذا السياق، مستدلًا على ذلك باجتماعات مغلقة سبقت إعلانها، شاركت فيها ثماني دول هي: السعودية، قطر، الإمارات، تركيا، مصر، باكستان، أندونيسيا، والأردن، معتبرًا أنّ الأردن رغم محدودية موارده، ليس على هامش المشهد، وإنما في قلبه النابض، وأن عمّان تمثل "العقدة الديناميكية" التي تُمسك بالصمغ الرابط لهذه المنظومة الإقليمية.
وحذّر من أنّ التشويش على الأردن سيستمر ويتصاعد في المرحلة المقبلة، لكنه أكد في الوقت نفسه أنّ للمملكة رصيدًا طويلًا من الخبرة في اجتياز المنعطفات التاريخية الكبرى، بدءًا من حقبة حلف بغداد مرورًا بحرب حزيران وسقوط الكتلة الشرقية وصولًا إلى الحرب على الإرهاب.
وأردف المحاريق أنّ المعضلة الأردنية تكمن في إضاعة الفرص الاقتصادية المرافقة للتحوّلات السياسية، مشددًا على أنّ المرحلة المقبلة تتطلّب إعادة هيكلة واسعة وشجاعة داخلية فور توقف الحرب في غزة، وضرورة الجلوس إلى طاولة الحلول الواقعية بعيدًا عن المزايدات والتشويش.

