من يوقف التهجير الجماعي القادم؟... غزة بداية الحكاية لا نهايتها

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الأستاذ المشارك والباحث المتخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية الدكتور علي النظامي إنّ ما يجري من تسريبات ومقروءات حول "الخطة الجديدة" للشرق الأوسط يشير إلى أن المشهد لا يديره نتنياهو وحده كما يُعرض، وإنما يقوده محور اليمين المتشدّد داخل إسرائيل وخارجه، مدفوعًا بشبكات نفوذ يهودية يمينية في عواصم متعددة؛ وأضافوا أن هذا المحور هو من يعيد رسم قواعد اللعبة، لا الخطابات الرسمية التي تُسوّقها واشنطن للعالم.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ مضمون الخطة الذي بدأ يتسرب عبر الإعلام الأميركي يكشف أن المقترح الحالي يعد هدنة مشروطة تمنح إسرائيل حق الفسخ والعودة إلى العمليات العسكرية في أي لحظة، ما يعني أن أي تصورٍ عن انسحاب إسرائيلي أو تراجع عن المشروع التوسّعي هو وصفة لوهمٍ خطير.

وبيّن النظامي أنه جرى ربط الخطة بصفقات سياسية وإقليمية أعادت نتنياهو إلى موقع "المنقذ" في السياسة الداخلية، وربما منحت له هامشًا قضائيًا سيحميه من ملاحقات قانونية محلية، بينما ألقت أعباء "تصفية المقاومة" على عاتق العالم العربي والإسلامي، عبر اختبارات دبلوماسية لنجاعته في كبح حركة المقاومة ونزع سلاحها.
ونوّه إلى أنّ الميدان العملي سيشهد رفضًا قاطعًا من الفصائل، فحماس لن تسلم الأسرى، ولن تلقي السلاح، ولن تتنازل، ولن توافق على خطة ترمب"، مضيفًا أن هذا الرفض يعني أن "المواجهة الميدانية القادمة ستكون مدمرة لا محالة"، وأن ثمنها سيمتد إلى موجات تهجير كبيرة من أهل غزة نحو خارج القطاع.

وحمّل النظامي إيران "مسؤولية مباشرة" عمّا لحق بالفلسطينيين الأبرياء وما قد يلحق بهم لاحقًا، في قراءة تربط بين شبكة التوترات الإقليمية وتوظيفها داخل المسرح الفلسطيني كذريعة لتصعيدات تُعيد ترتيب قواعد النفوذ، محذرًا بأن أي فشل عربي في نزع سلاح المقاومة أو في تقديم بديل سياسي قابل للعيش سيُستغل لإضفاء شرعية على حملةٍ أوسع من التهجير والتقسيم.

وتناول الدور البريطاني ـــ بروح توني بلير ـــ في إدارة "اليوم التالي"؛ ففي حين تُسوّق بعض الأوساط فكرة تكليف شخصية دولية لإدارة غزة مؤقتًا، توحي تحليلات أخرى بأن مهمة مثل هذا المندوب ستشمل توظيف التفويض ليصبح أداة لإعادة تقسيم أوسع يبدأ من الضفة الغربية، ثم سيناء وبلاد الشام في مراحل متعاقبة، فيما يمنح المخطط للممثل الخارجي مهلة زمنية تمتد إلى عام 2026 لإتمام مهمته.
ولفت النظامي الانتباه إلى أن هذه التصورات ترافقها مخرجات وملاحظات في نشرات مراكز دراسات غربية متخصصة، ما يجعلها مطلبًا يجب التعامل معه بجدية، إن لجهة مراقبة مفاعيلها، أو لجهة صياغة ردة فعل عربية وإسلامية ودولية مضادة.

واختتم تحذيره بأن المنطقة تقف أمام سيناريو يمتد أبعد من غزة، فالغارة على غزة قد تكون الباب الذي يفتح مشروعًا إقليميًا أعرض وأعمق، مستطردًا أن العرب أمام امتحان صعب في القدرة على التصدي لمعاني هذا المشروع وفرض بدائل تحفظ للسكان حقوقهم وأراضيهم، ما يعني أن الإفلات من هذا النفق المظلم يمرّ عبر بناء موقفٍ عربي وإسلامي موحّد، ومواجهة دبلوماسية ذكية، وتحشيد دولي يضع آليات تحقق وشرطًا لشرعية أي "حلّ" مفترض، كي لا تتحول الهدنة إلى غطاء لشرعنة واقعٍ دائم من التهجير والتقسيم.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية