أزمة عقارية تلوح في الأفق... الكتوت يوضح لـ"أخبار الأردن"

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير الاقتصادي، الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني فهمي الكتوت، إن الأزمة العقارية الراهنة لا يمكن النظر إليها بمعزل عن المشهد الاقتصادي الكلي، إذ ينبغي فهمها في سياق تراكمات هيكلية ارتبطت بالتوسع غير المنضبط في الإقراض العقاري خلال العقد الماضي.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا التوسع رافقه تباطؤ في النمو الاقتصادي، وتراجع مستمر في القوة الشرائية، وارتفاع حاد في معدلات البطالة، الأمر الذي وضع شرائح واسعة من المقترضين أمام مأزق التعثر، خصوصًا بعد سلسلة الزيادات في أسعار الفائدة منذ عام 2022.

وأشار إلى أن البنوك، التي كانت حتى وقت قريب مجرد ممول للسوق العقاري، وجدت نفسها اليوم وقد تحولت إلى مالك مباشر بعد أن آلت إليها آلاف الشقق المرهونة نتيجة العجز عن السداد، ما جعلها لاعبًا رئيسيًا في السوق العقاري، ليس فقط كمصدر للتمويل، وإنما كقوة ضاغطة في تحديد معادلات العرض والطلب.

وبيّن الكتوت أن بيانات السنوات الأخيرة تظهر أن القروض العقارية للأفراد شكّلت ما نسبته 25–30% من إجمالي التسهيلات الائتمانية، مدفوعة بسياسات مصرفية وفّرت تمويلًا طويل الأجل تراوح بين 25–30 عامًا، مع معدلات فائدة منخفضة نسبيًا قبل عام 2022، وهو ما شجع الأسر على الاقتراض دون تقدير كافٍ للمخاطر المحتملة، مضيفًا أنه مع الارتفاع المفاجئ في الفائدة بما بين 3–5 نقاط مئوية، تضاعفت الأقساط الشهرية بشكل أرهق المقترضين ودفع الآلاف منهم إلى دائرة التعثر.

ولفت إلى أن الأزمة تعكس فجوة هيكلية في سياسات الإسكان الوطنية، إذ إن أسعار الشقق بلغت مستويات تفوق 8–12 ضعف متوسط الدخل السنوي للفرد، ما يجعل امتلاك مسكن دون قرض مرهق أمرًا شبه مستحيل، في ظل غياب تدخل حكومي منظم يوازن بين العرض والطلب، ويعيد الاعتبار لدور الدولة في توفير وحدات سكنية ميسرة للطبقتين الوسطى والدنيا.

واستطرد الكتوت قائلًا إن ترك الساحة بالكامل للقطاع الخاص أسهم في تكريس نمط إنتاج عقاري موجه نحو الشقق مرتفعة الكلفة، بعيدًا عن متطلبات الواقع الاجتماعي والقدرة الشرائية للأغلبية، الأمر الذي زاد من عمق الأزمة، مشيرًا إلى أن أن البنوك، بامتلاكها هذا الكم الهائل من العقارات، باتت تواجه معضلة مزدوجة، فمن جهة هي متضررة من تزايد حالات التعثر، ومن جهة أخرى أصبحت طرفًا غير متوازن في سوق يعاني أصلًا من الركود.

وأردف أن هذه الأزمة تكشف الحاجة الملحّة لإعادة صياغة السياسات الاقتصادية والإسكانية، بما يضمن حماية الاستقرار المالي والاجتماعي، ويحافظ على فرص الطبقة الوسطى في امتلاك السكن، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي دون معالجة هيكلية سيحوّل البنوك إلى "أكبر مطور عقاري قسري" في البلاد، على حساب مصالح المجتمع ككل.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية