رواتب فلكية.. من يصنع "طبقة الأثرياء الجدد" في الأردن؟

{title}
أخبار الأردن -

 

يشهد الأردن جدلا متصاعدا حول ملف "الرواتب الفلكية" التي يتقاضاها عدد من كبار المسؤولين في القطاع العام والهيئات المستقلة، في وقت تواجه فيه المملكة أزمات مالية متراكمة وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية والقروض لتغطية عجز موازنتها.

فعلى الرغم من أن الحد الأدنى للأجور (290 دينارا)، ومتوسط دخل الغالبية لا يزيد على 425 دينارا شهريا، تكشف تقارير محلية ودراسات لديوان المحاسبة عن رواتب لمسؤولين ومدراء تنفيذيين تصل إلى عشرات آلاف الدولارات شهريا، فيما يحصل بعضهم على امتيازات ومكافآت سنوية تفوق المليون دولار.

القضية لطالما كانت حاضرة في مجلس النواب، حيث وصفها نواب بأنها "هدر غير مبرر" في بلد يشكّل الدين العام عبئا ثقيلا على اقتصاده. ففي عام 2023 وحده، تخطت قيمة المنح الخارجية سبعة مليارات دولار، بينما بلغ العجز المالي أكثر من أربعة مليارات دولار، ما يجعل الرواتب المرتفعة عبئا إضافيا يثقل كاهل الدولة، وفق تقرير لـ"إندبندنت عربية".

وسبق أن طُرح مقترح برلماني يحدد سقفا للرواتب لا يتجاوز 3500 دولار، إلا أن الحكومات المتعاقبة دافعت عن هذه الامتيازات باعتبارها "حقوقا مكتسبة" أو مبررة لجذب الكفاءات والخبرات الخاصة، خصوصا في المؤسسات المستقلة والشركات التي تعمل وفق عقود تنافسية.

فجوة اجتماعية و"برجوازية جديدة"

يرى مراقبون أن استمرار هذه الممارسات يوسع الفجوة الطبقية في المجتمع، ويضعف شعور العدالة الاقتصادية في وقت يحتاج فيه المواطنون إلى تحسين التعليم والصحة والخدمات الأساسية. ويصف بعض النواب هذه الرواتب بأنها "ظاهرة محيرة"، وكأن الأردن دولة خليجية غنية وليست مثقلة بالديون.

الخبير في الحماية الاجتماعية موسى الصبيحي دعا إلى ضبط مكافآت ورواتب الإدارات العليا في الشركات التي تسهم فيها الحكومة، خصوصًا تلك التابعة لمؤسسة الضمان الاجتماعي.

وضرب مثالًا بمدير تنفيذي لأحد البنوك الذي يتقاضى راتبًا شهريًا يصل إلى 63 ألف دولار، إضافة إلى مكافأة سنوية بلغت 700 ألف دولار، ليتجاوز دخله السنوي مليونًا ونصف مليون دولار، متسائلًا عن مدى قانونية هذه الممارسات، وهل يمكن استردادها بأثر رجعي لصالح أموال الضمان التي هي في الأساس أموال العمال والموظفين.

في حين تؤكد الحكومات أن هذه الحالات "استثنائية ومحدودة"، يرى خبراء أن غياب الشفافية والرقابة الفاعلة يجعلها تعكس ما يشبه "برجوازية جديدة" ذات امتيازات اقتصادية وقانونية في بلد يعاني من عجز مالي متواصل، ويكابد مواطنوه لتأمين أساسيات الحياة.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية