الروسان لـ"أخبار الأردن": إسرائيل تخفي هذه الخسائر

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إنّ مرور ما يقارب عامين على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة كشف بوضوح حالة التآكل التي أصابت مشروع الاحتلال العسكري والسياسي.

وأوضح الروسان في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الأهداف المعلنة منذ السابع من أكتوبر، والمتمثلة بالسيطرة الكاملة على مدينة غزة وتحرير الأسرى، ما زالت تراوح مكانها، بينما ينكشف جوهر الاستراتيجية الحقيقية في التهجير القسري للسكان، وإحداث قطيعة ديموغرافية بين شمال القطاع وجنوبه، تمهيدًا لتكريس أطماع استيطانية طالما رافقت المخيلة الصهيونية.

وبيّن الروسان أن الاعتماد الإسرائيلي على كثافة نارية غير مسبوقة لم يأتِ في إطار حسم عسكري تقليدي، بقدر ما كان محاولة لخلق فراغ سكاني يتيح له كشف ظهر المقاومة والوصول إلى منظومة الأنفاق المعقدة، ومع ذلك، فإن الجيش يجد نفسه اليوم أمام تحديات متداخلة تذكّر، من حيث الفشل والتعقيد، بصدمة السابع من أكتوبر؛ إذ تتجسد أبرز هذه المعضلات في انخفاض الروح المعنوية، وتزايد الضغط النفسي، وارتفاع الخسائر البشرية، بما في ذلك نسبة عالية تقارب 20% ناجمة عن نيران صديقة.

وأشار إلى أن طبيعة المعركة الحضرية في مدينة مدمرة ومكتظة بالسكان أرغمت جيش الاحتلال على خوض قتال شوارع يستنزفه بشكل يومي، في مواجهة مقاومة تعتمد تكتيكات حرب العصابات وتستند إلى شبكة أنفاق عنكبوتية تمنحها قدرة على المناورة والكرّ والفرّ، لافتًا الانتباه إلى أن الانقسامات داخل البنية القيادية والسياسية للكيان، إلى جانب التحولات المتسارعة في المواقف الدولية، باتت عوامل إضافية تعقّد المشهد وتضعف القدرة على صياغة استراتيجية متماسكة.

وأردف الروسان أن العملية البرية التي أُطلقت مؤخرًا تكشف محدودية الفعالية العملياتية للجيش، إذ لم تتجاوز نتائجه الميدانية حدود الأطراف، ولم يتمكن من التوغل في عمق المدينة إلا من خلال محاولات استطلاع بالنار تهدف بالأساس إلى اختبار ردود فعل المقاومة وقياس قدرتها القتالية، مستطردًا أن الاحتلال زجّ بتشكيلات عسكرية ضخمة تضم الفرقة المدرعة 162 بألويتها المختلفة، وفرقة القوات الخاصة 98 بسبعة ألوية مظلية، إلى جانب الفرقة المدرعة 36، بينما أبقى الفرقتين 99 و143 في مواقع خلفية لتأمين خطوطه.

ونوّه إلى أن المقاومة الفلسطينية أعدت مسرح العمليات مسبقًا بمنطق استراتيجي يقوم على الصمود طويل الأمد، فهي وإن كانت تدرك محدودية إمكاناتها في منع التقدم العسكري، إلا أنها تركّز على رفع الكلفة البشرية والاقتصادية والسياسية للعدوان، من خلال كمائن دقيقة، واستهداف ممنهج للدبابات، وزرع عبوات ناسفة في محاور التقدم، مشيرًا إلى أن هذه المقاومة تستمد قوتها من حاضنة شعبية صامدة، على الرغم من التهجير والقصف والتجويع، ما يجعل المعركة طويلة الأمد، مفتوحة النتائج، ومكلفة بصورة تفوق قدرة إسرائيل على استيعابها استراتيجياً.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية