العموش لـ"أخبار الأردن": الوقت يداهمنا
اعتبر الوزير والسفير الأسبق الدكتور بسام العموش، في تصريحٍ خاص لـ«أخبار الأردن»، أن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في القمة العربية ــــ الإسلامية الطارئة التي عقدت في الدوحة يعد بمثابة إعلان مبادئ استراتيجيّة ونداء للتحول من "البيانات" إلى "القرارات المُمكِنة".
وقال إنّ خطاب جلالته وضع خارطة طريقٍ قصيرة ومتوسطة الأمد لمواجهة تهور السياسات الإسرائيلية الراهنة، موضحًا أنه لم يعد مقبولًا أن تُسجَّل إداناتٌ على المستوى الخطابي بينما تستمر أدوات الضغوط والتطبيع والعقوبات الرمزية في تآكل ثوابت القضية الفلسطينية.
ونوّه العموش إلى أن الرسالة الملكية حملت، بوضوحٍ ودون مواربة، أنّ الردّ يجب أن يكون عمليًا ومتدرّجًا وشاملًا، سياسيًا، ودبلوماسيًا، واقتصاديًا، وقانونيًا.
وأشار أن مركزية الأردن في المعادلة الإقليمية تمنحه "شرعيةً ومسؤوليةً"، ذلك أن الأردن في صلب التداخل الجغرافي، والديموغرافي، والسياسي مع القضية الفلسطينية، وأن ما يمس الضفة الغربية ينعكس مباشرةً على أمننا القومي واستقرارنا الداخلي.
واستطرد العموش قائلًا إن المأمول الآن هو ترجمة التعبئة الخطابية إلى أدوات ضغط فعّالة، إذ إننا نحتاج إلى حزمة إجراءات متكاملة تبدأ بتجميد أو مراجعة الاتفاقيات الاقتصادية والاستراتيجية مع الأطراف التي تشرعن أو تُسهِم في اختراق السيادة، مرورًا بخيارات قانونية ودولية لمساءلة ممارسات الاحتلال، وصولًا إلى خطوات تضامنية مع الدول المتضررة سياسيًا واقتصاديًا.
وأشار إلى أن العمل المشترك لا يعني احتكار القرار المركزي، بقدر ما يعني اشتراك آليات تنفيذية قابلة للقياس والزمن.
وفيما يخصّ البعد الدبلوماسي، نوَّه العموش إلى أن التحرّك العربي الفاعل يتطلب عودة إلى المبادرات متعددة الاطراف، وإحياء الأطر الدولية التي تُحفظ الحقوق بمقاييس قانونية، قائلًا إنه لا يجوز أن يظلّ العربي في خانة الشجب، وإنما استعادة أدوات الردع الدبلوماسي، والمتمثلة في مقاطعات مستهدفة، وضوابط اقتصادية، وحملات ضغط قانوني في المحافل الدولية، وتكثيف جهود الاعتراف الدولي المتدرّج بالدولة الفلسطينية خيارًا تكتيكيًا لإعاقة مشاريع الضم والتهجير.
وتابع أن الأردن يحتاج إلى تمتين الجبهة الداخلية عبر وحدة وطنية حقيقية، فالأمن القومي ليس مهمة وزارة أو مؤسسة بعينها؛ إنه مشروع وطني يفرض تجميد الخلافات الهامشية لصالح إجماعٍ على حماية الوطن ومقدساته، مضيفًا أن الخطاب الرسمي يجب أن ينصهر مع الخطاب الشعبي عبر آليات فعّالة للتواصل، وإشراك فاعليات المجتمع المدني والحِملات الإعلامية المدروسة لتفكيك الحملات التضليلية واستعادة ثقة المواطنين.
وحول البُعد العسكري والأمني، لفت العموش إلى حساسية التعامل مع الخيارات العسكرية، مناديًا بضرورة تفعيل آليات التنسيق الإقليمي الأمني والاستخباراتي لمنع أي شروخٍ قد تُستغل لتهديد الاستقرار الأردني.
وشدّد على أن الردع يشمل أفقًا سياسيًا، ودبلوماسيًا، واقتصاديًا يعيد توازن مصالح دولية وإقليمية لصالح استقرار المنطقة، فالوقت لم يعد ملائمًا للمناورات الكلامية، وإنما لحزمة من الإجراءات المتوازنة التي تَنصهر في استراتيجية وطنية عربية، إسلامية، متكاملة، مضيفًا أن حماية الأردن، القضية الفلسطينية والمقدسات، يتطلب منا أن نحول قوة الخطاب إلى سياساتٍ وممارساتٍ تُنتج نتائج، وإلا فالديناميكية الحالية قد تتركنا أمام وقائعٍ صعبة التراجع عنها

