هل تعد قمة الدوحة كافية؟... المحاريق يجيب "أخبار الأردن"
قال الكاتب الصحفي سامح المحاريق إن الضربة التي استهدفت الدوحة أعادت إلى الواجهة تراكمات تاريخية وجيوسياسية ظلت كامنة في ذاكرة المنطقة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الضربة كشفت فداحة الاعتماد المطلق على تحالفات عسكرية تقليدية، ذلك أن ما شهده الخليج من انفتاح متزايد على محاور بديلة خلال السنوات الأخيرة - سواء لروسيا أو الصين - كان جزءًا من توازن مستجد، لكنّ الأخير بات اليوم في حاجة ماسة إلى ضبطه وتحويله إلى بنية استراتيجية مستقرة وليس مجرد أداة تكتيكية مؤقتة.
فيما يتعلق بالأبعاد السياسية، بين المحاريق أن القمة الإسلامية ـ العربية في الدوحة مثّلت محطة مفصلية، لأنها تحوّلت سريعًا إلى فضاء لتبادل اجتهادات عملية، مضيفًا أن البيانات والخطابات وحدها لم تعد كافية؛ والمطلوب أدوات فعلية: اقتصادية، وسياسية، ودبلوماسية، وربما قانونية تُترجم التضامن إلى قوة ردعية قابلة للتنفيذ.
وأشار إلى أن هذا التحول يقتضي إعادة رسم أولويات العمل العربي المشترك، بحيث تراوح بين العقوبات المستهدفة، وقطع سوائل التعاون في ملفات محددة، وبين بناء آليات إنذار مبكر وإعادة هيكلة لأنظمة الردع الوطنية والإقليمية.
من زاوية عسكرية استراتيجية، نوّه المحاريق إلى أن الحدث أعاد تسليط الضوء على فجوة القدرات في المنطقة، ومنها: تكامل المعلومات، والإسناد اللوجستي، وسياسات التحكم في الفضاء الإلكتروني، مستطردًا أن القدرة على تعطيل عمل منظومة تسليحية أو رادارية تعد مسألة سيادة استراتيجية تتطلب إدارة تحالفات مبنية على مصالح مشتركة واضحة وليس منحنيات تزليق على خرائط النفوذ.
وأشار إلى أن أعماق الذاكرة الجمعية الخليجية، الممتدة من حوادث الغرق الجماعي إلى أنماط التنافس على مصادر المياه، تُعيد تشكيل المستوى الشعبي للتوقعات والدعوات للمزيد من الاستقلالية السياسية والأمنية.
ولفت المحاريق الانتباه إلى أن ضربة أجبرت على إخراج السؤال الأعمق، والمتمحور حول ما إذا كنا نريد العيش على هامش الاستراتيجيات المصاغة باسمنا، أم أننا بصدد تأسيس عقل استراتيجي جديد يعيد توطين القرار في فضاءات نافذة ومشتركة؟.
وأشار إلى أن الإجابة ستكون اختبار قدرات القيادات على تحويل صدمة الأزمة إلى مشروع تحصين طويل الأمد، يقترن فيه الحزم السياسي بالتخطيط الاقتصادي والأمن المدني بالترابط الإقليمي.
واختتم المحاريق حديثه بالتساؤل حول ما إذا كنا نريد الاستمرار في البحث عن ملاذات ظرفية تلهي عن الاستحقاقات، أو أن نشرع في ورشة إصلاح استراتيجي حقيقية، تبدأ من الداخل وتمتد لتصوغ تحالفات أوسع تقوم على مصالح ملموسة وآليات قابلة للاختبار العملي

