أبور رمان: الفرقة 8200 تستهدف الأردن.. وعلينا الاستعداد
قال الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان، إن خطاب وزير الخارجية، أيمن الصفدي، في جلسة مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي ضد إسرائيل، والذي أدان فيه الهجوم الإسرائيلي على قطر ومحاولة اغتيال قادة حركة حماس، يشكل أقسى لغة سياسية ودبلوماسية أردنية تستخدم ضد تل أبيب منذ سنوات طويلة، ويعكس تحولاً جوهرياً واستراتيجياً في العلاقة بين الأردن وإسرائيل.
ويشير أبو رمان إلى أن هذا الخطاب لم يكن مجرد رد فعل لحظة غضب أو انفعال شخصي من الوزير، بل يمثل نقطة تحول واضحة في الموقف الأردني الرسمي، ويحمل دلالات سياسية واستراتيجية مهمة فيما يتعلق بحكومة بنيامين نتنياهو، التي وصفها الصفدي بأنها مارقة ومتطرفة.
ويؤكد الكاتب أن المشكلة الأساسية تكمن في أن هذه الحكومة ليست استثناءً في السياسات الإسرائيلية الحالية، بل تمثل الاتجاه العام Main Stream، ولا يمكن التراجع عنها حتى مع تغيّر القيادة، لأن ما يحدث اليوم يتعلق بـتصورات استراتيجية شاملة لأمن إسرائيل وسياساتها الداخلية والإقليمية، بما في ذلك رفض إقامة الدولة الفلسطينية بشكل نهائي، وإنهاء ما تبقى من اتفاقية أوسلو ودور السلطة الفلسطينية، واعتبار مشروع تهجير الفلسطينيين والسيطرة على كامل أرض فلسطين التاريخية الهدف الاستراتيجي المشترك لجميع القوى الإسرائيلية.
ويرى أبو رمان أن الخطاب يعكس قناعة واضحة لدى "مطبخ القرار" في عمان بأن هناك ما هو أسوأ قادم في تعامل إسرائيل مع الضفة الغربية وغزة والقدس، وأن السياسات الإسرائيلية تمس الأمن القومي الأردني بصورة مباشرة، إلى جانب الكارثة الإنسانية الكبرى في غزة، التي تعكس إصرار إسرائيل وتواطؤ إدارة ترامب على تدمير القطاع وإجبار أهله على الخروج وفرض الأجندة الإسرائيلية بالقوة العسكرية والأمنية.
ويضيف الكاتب أن نفس المخاوف تتعلق بالضفة الغربية والقدس، خاصة مع إقرار مشروع E! الذي يمثل استكمالاً لـقتل أي دولة فلسطينية محتملة، كما أعلن نتنياهو صراحةً بأن حدود إسرائيل هي غور الأردن وليس مستوطنة معاليه أدوميم، مما يوسع النقاش ليشمل مستقبل الحدود الأردنية – الفلسطينية ودور إسرائيل في صياغتها.
ويشير أبو رمان إلى أن عدم خروج الصفدي في التعديل الوزاري الأخير، خلافاً لتوقعات البعض، يؤكد أن الوزير لا يتصرف خارج إطار القرار المؤسسي وبإشراف الملك، وأن تصريحاته المتصاعدة ضد تل أبيب تستند إلى تحولات سياسية واستراتيجية على أكثر من صعيد، منها الضفة الغربية والقدس والوصاية الهاشمية، والمصادر المختلفة للتهديد للأمن الإقليمي.
وأكد الكاتب أن تصريحات الصفدي لم تغضب المسؤولين الإسرائيليين فحسب، بل ستؤدي إلى حملة إسرائيلية ممنهجة ضد الأردن تشمل الحرب النفسية والدعاية السياسية والإعلام الرقمي، وسيكون للفرقة 8200 الإسرائيلية دور مهم في تنفيذ هذه الحملات. وهو ما يستلزم خطة وطنية متكاملة، وخطاباً سياسياً وإعلامياً ذكياً، وبناء سياسات وطنية للمرحلة القادمة، تعزز التلاحم بين القيادة والجبهة الداخلية، وتبعد عن الخطابات التأزيمية والمكارثية التي تضر بالوحدة الوطنية وتخدم أجندة اليمين الإسرائيلي.
ويخلص أبو رمان إلى أن فلسفة إدارة الحكم والشأن العام في الدول العربية، وخصوصاً الأردن، مرتبطة بشكل كبير بالمصالح الغربية منذ سايكس-بيكو وبلفور، وأن تصريحات الصفدي تعكس وعيًا حقيقيًا بخطورة السياسات الإسرائيلية وضرورة اتخاذ موقف رادع واستراتيجي يحمي الأمن الوطني الأردني ويؤطر المصالح الوطنية بوضوح.

