خيارات دول الخليج للرد على الهجوم الإسرائيلي

{title}
أخبار الأردن -

 

لطالما قدّمت دول الخليج العربية نفسها كـ"جزر آمنة" وسط محيط إقليمي مضطرب، مستندة إلى اقتصادات متنامية ومدن عصرية استقطبت ملايين العمال الأجانب، ومجتمع معفى من الضرائب، غير أن هذا التصوّر اهتزّ هذا العام مع تحوّل أراضيها إلى ساحة استهداف مباشر من قوى إقليمية.

ففي يونيو/ حزيران، ردّت إيران على هجوم أميركي استهدف منشآتها النووية بضربة على قاعدة جوية أميركية في قطر، وبعد أشهر جاءت الضربة الإسرائيلية الأشد وقعا، حين استهدفت الدوحة بعملية عسكرية طالت قيادة حركة "حماس" المقيمة هناك.

قلق متصاعد وتحرّك دبلوماسي

مع اقتراب نيران حرب غزة من حدودها، تعيش دول الخليج توتراً غير مسبوق، فقطر تعهدت برد "إقليمي جماعي"، كما أعلن رئيس وزرائها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مشيراً إلى أن القرار سيُبحث في القمة العربية والإسلامية المرتقبة في الدوحة.

أما الإمارات، الدولة الخليجية الأكثر انفتاحاً على إسرائيل منذ اتفاقيات إبراهيم، فقد تحرّكت سريعاً، حيث زار الرئيس محمد بن زايد الدوحة خلال أقل من 24 ساعة على الهجوم، في جولة خليجية هدفت إلى تنسيق الرد، فيما استدعت أبوظبي دبلوماسياً إسرائيلياً للتنديد بالهجوم ووصفته بـ"السافر والجبان".

خيارات بين القانون والدبلوماسية

يرى محللون أن الرد الخليجي قد يتخذ أشكالاً عدة، أبرزها تقليص الإمارات من حضورها في اتفاقيات إبراهيم، أو تفعيل مسارات قانونية دولية تقودها قطر داخل مجلس الأمن والمحاكم الدولية، في خطوة نادراً ما اتبعتها دول الخليج سابقاً.

كما لا يُستبعد أن تعيد الدوحة النظر في دورها كوسيط بين واشنطن وخصومها، وهو ورقة ضغط حساسة في معادلات المنطقة.

تفعيل “درع الجزيرة”

رغم الانقسامات التي شهدتها المنطقة، لا تزال معاهدات الدفاع المشترك قائمة. وهنا يبرز خيار تفعيل "قوة درع الجزيرة" وتطوير قيادة عسكرية موحدة ونظام دفاع جوي وصاروخي مشترك.

لكن الاعتماد شبه الكامل على المظلة الأمنية الأميركية يظل تحدياً أساسياً، خصوصاً مع ما تعتبره العواصم الخليجية تراخياً أميركياً في الدفاع عن أراضيها، ما قد يدفعها للمطالبة بضمانات أوضح من إدارة ترامب أو التوجه نحو تنويع تحالفاتها الدفاعية.

إلى جانب السياسة والأمن، يملك الخليج ورقة اقتصادية هائلة عبر صناديق الثروة السيادية التي تدير تريليونات الدولارات. ويرجّح خبراء أن تلجأ هذه الدول إلى مقاطعة استثمارات أو شركات مرتبطة بإسرائيل، أو إعادة توجيه استثماراتها بعيداً عن الأسواق الأميركية إذا اعتبرت أن واشنطن تغض الطرف عن تهديد أمنها.

ويرى مراقبون أن المشهد الحالي يمثل لحظة اختبار صعبة للمنظومة الخليجية: فإما أن تعيد صياغة وحدتها الإقليمية وقدراتها الدفاعية، أو تبقى رهينة توازنات أميركية ـ إسرائيلية تفرض معادلاتها على حساب استقرارها الداخلي.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية