مؤشر خطير على الأردن تداركه بشأن فرقة "جلعاد 96"

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير العسكري نضال أبو زيد إنّ ما ينتظر المنطقة، وعلى نحو خاص الأردن، لا يقف عند حدود التطورات المتسارعة في الإقليم ولا عند التصعيد الميداني في فلسطين.

وأوضح أبو زيد في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن إعلان الاحتلال إعادة تفعيل وتوسيع ما يُعرف بـ"فرقة جلعاد 96"، لم يكن وليد اللحظة، إذ إن جذوره تعود إلى أواخر عام 2024 حينما خرج رئيس الأركان الإسرائيلي السابق هرتسي هليفي مُعلنًا عن تشكيل قوة جديدة تحمل هذا الاسم، بيد أن المستجدّ يتمثل في إعادة طرحها إلى الواجهة هذه الأيام، وهو ما يعكس محاولة متعمدة لإحياء صورة التفوق الإسرائيلي في الضفة الغربية، واستعراض أوراق قوة موجهة بقدر كبير إلى الداخل الإسرائيلي وإلى الجوار الأردني على حد سواء.

وبيّن أبو زيد  أن "جلعاد 96" لا تندرج في إطار الفرق العسكرية التقليدية بالمعنى الكلاسيكي، وإنما أقرب إلى ما يُعرف بقوة رد الفعل السريع (Quick Reaction Force – QRF)، حيث تتشكل من لواء نظامي مدعوم بلوائي احتياط، وتنتشر هذه القوة على طول شريط حيوي يوازي الطريق الدولي بين القدس وتل أبيب، على أن يمتد واجبها إلى مساحات شاسعة من الضفة الغربية، معززة بمنظومة متكاملة من المجسات الإلكترونية والحواجز الذكية ووسائل الاستطلاع الجوي المتقدمة مثل "الأيروستات" (مناطيد مراقبة حرارية مزوّدة بكاميرات عالية الدقة).

ونوّه إلى أن هذه البنية لا تعمل بمعزل عن غيرها، ذلك أنها ترتبط بمراكز معلومات متطورة تعرف اختصاراً بـ(Tactical Information Center)، وتشكل حلقة وصل مباشرة مع شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، الأمر الذي يجعلها جزءًا من شبكة أمنية متكاملة تتجاوز حدود الانتشار العسكري التقليدي إلى ما يشبه "البنية التحتية الأمنية" المتداخلة مع الحسابات الاستراتيجية الأوسع.

غير أن القراءة المعمقة تكشف أن إعادة الإعلان عن هذه الفرقة يتجاوز بعدها العملياتي المباشر، ليصب في سياق خطاب سياسي – أمني يراد له أن يشرعن خطوات ضم تدريجية لمناطق "ج" التي تشكل 97% من الامتداد الحدودي مع الأردن، وفقًا لما صرّح به أبو زيد لصحيفة "اخبا رالأردن" الإلكترونية، مستطردا أن الاحتلال يتذرع بمخاطر وهمية من قبيل نشاط إيراني مزعوم على الحدود الشرقية، في حين أن المعطيات الواقعية تشير إلى غياب أي حضور إيراني فعلي على الساحة الأردنية، فضلًا عن أن النفوذ الإيراني في الإقليم يشهد تقليمًا واضحا خلال الأعوام الأخيرة، وبالتالي فإن الذريعة الإيرانية لا تتجاوز كونها أداة خطابية لإخفاء الغايات الحقيقية المرتبطة بمشروع الضم وترسيخ الهيمنة على الضفة الغربية.

ولفت الانتباه إلى أن الأكثر دلالة أن الخطر الأمني الحقيقي ينبع من الداخل الإسرائيلي نفسه، حيث تُسجَّل عمليات تهريب عبر الطائرات المسيّرة والبالونات من النقب وبئر السبع باتجاه الجهة الجنوبية الغربية للأردن، ومما يزيد الأمر خطورة أن تسمية الفرقة بمرجعية توراتية تحمل بُعدًا أيديولوجيًا متصلاً بالتيارات الصهيونية المتطرفة الممثلة اليوم في شخصيات مثل سموتريتش وبن غفير، الأمر الذي يجعل التشكيل العسكري انعكاسًا مباشرًا لبرنامج سياسي عقائدي يتجاوز البُعد الأمني إلى فرض أمر واقع استيطاني – سيادي في الضفة الغربية.

وأشار أبو زيد إلى أن ما يُسمى "فرقة جلعاد 96" هو حلقة في سلسلة طويلة من أدوات التمدد الصهيوني التي يُعاد إنتاجها بمسميات وذرائع متعددة، في لحظة إقليمية بالغة التعقيد، والأردن، المعني المباشر بامتداد هذه الحدود، يجد نفسه أمام تحدٍّ استراتيجي يتطلب قراءة متأنية لمرامي هذه الخطوة، باعتبارها ليست مجرد تحرك تكتيكي، وإنما إشارة تحذيرية على محاولة إعادة صياغة المشهد الأمني والجيوسياسي في المنطقة الشرقية للضفة الغربية، بما قد يرتد مباشرة على الأمن القومي الأردني وعلى منظومة التوازنات الإقليمية برمتها.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية