الماضي لـ"أخبار الأردن": العدوان على قطر يفضح ازدواجية واشنطن ويكشف أجندة نتنياهو
قال أستاذ علم الاجتماع السياسيّ الدكتور بدر الماضي إن التطورات الأخيرة كشفت بصورة جلية أنّ الأفكار الأمريكية التي جرى تسويقها في الآونة الأخيرة على أنها بارقة أمل لإنهاء الحرب المستعرة ضد الشعب الفلسطيني، لم تكن سوى غطاء مؤقت يفتقر إلى الإرادة السياسية الحقيقية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ المبعوث الأمريكي سلّم هذه الأفكار إلى الوسطاء، وفي مقدمتهم دولة قطر، التي ما تزال القناة الوحيدة القادرة على التواصل المباشر مع حركة حماس بكامل كوادرها السياسية والعسكرية.
وبيّن الماضي أنّ الدوحة لم تتردد في التقاط الخيط، إذ بادرت يوم أمس إلى دعوة الحركة للتجاوب الإيجابي مع هذه الطروحات، انطلاقًا من إدراكها أنّ الولايات المتحدة تحاول – في الظاهر – إنهاء حالة الحرب التي طال أمدها، وأرهقت الإقليم بأسره، غير أنّ المفاجأة المدوية تمثّلت في شنّ الاحتلال الإسرائيلي هجومًا مباشرًا على العاصمة القطرية، وهي الدولة الراعية للمفاوضات، والوحيدة التي ما تزال تتمتع بقدرة تفاوضية حقيقية مع المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلى أنّ الإعلان الإسرائيلي، مصحوبًا بتأكيد من أجهزة الاحتلال بأن الهجوم تم بعلم وإقرار الإدارة الأمريكية، ثم تبرير واشنطن لهذا العدوان الصارخ ضد دولة حليفة لها، إنما يكشف تناقضًا خطيرًا في الخطاب السياسي الأمريكي، فمن المفترض أن تكون قطر شريكًا وصديقًا للولايات المتحدة، غير أنّ ما جرى يبرهن أن إدارة واشنطن ليست جادة في أيٍّ من طروحاتها، وأنها منخرطة في تناغم عميق مع السلوك الإسرائيلي.
وشدّد الماضي على أنّ نتنياهو، الذي يقود حكومة يمينية متطرفة، لم يكن يومًا راغبًا في السلام أو جادًا في إنهاء حالة الحرب، وأنّ الولايات المتحدة نفسها تبدو وكأنها تُقاد وراء أجندة إسرائيلية يمينية متطرفة، لا العكس.
وأردف أنّ الإشكالية الأكبر تكمن في أنّ هذا التناغم الأمريكي - الإسرائيلي تحوّل إلى تبعية سياسية تُتيح لنتنياهو توظيف الدعم الأمريكي كغطاء كامل لممارساته، بما في ذلك محاولات الاغتيال على أرض دولة عربية تمثل حجر الزاوية في جهود الوساطة.
واختتم الماضي حديثه بالقول إنّ هذه التطورات تشكّل انتكاسة استراتيجية ليس فقط لمسار المفاوضات، وإنما أيضًا لفكرة الحياد الأمريكي المزعوم، الذي بات يتهاوى أمام أعين العالم، في ظل انكشاف الإدارة الأمريكية بوصفها شريكًا كاملًا في إدارة الحرب، لا وسيطًا يسعى إلى إنهائها.

