أبو زيد: الأردن يقف اليوم أمام تحديات متداخلة

{title}
أخبار الأردن -

 

 

•    السيطرة على الموارد المائية في حوض اليرموك تزعج الأردن وتغذي المخاوف المائية
•    التوغل الإسرائيلي في جنوب غرب سوريا يتزامن مع السيطرة على المنطقة (ج) في الضفة الغربية
•    المثلث الحدودي الأردني – السوري – العراقي ساحة هشة أمام عودة تنظيم داعش
•    الفيتو الإيراني على أي تطور في العلاقات الأردنية – العراقية يعرقل المشاريع الاقتصادية
•    الأردن يعتمد على تركيا أكثر من العراق في التعاطي مع الملف السوري
•    المسار الأمني يرتكز على استقرار الحدود السورية ووقف تهريب المخدرات والأسلحة
•    المسار الدبلوماسي الأردني ينطلق من إعادة تجسير العلاقات مع سوريا الجديدة
•    منظومة الأمن الإقليمي تتعثر.. وغرفة العمليات المشتركة لم ترتقِ إلى مستوى منظومة متكاملة

قال الخبير العسكري نضال أبو زيد إنّ مقاربة الأردن للملف السوري باتت محكومة بجملة من الهواجس المعقّدة والمتداخلة، التي تلتقي عند نقطة جوهرية مفادها أنّ المشهد الإقليمي آخذ في التشكل على نحو يضغط على المملكة من مختلف الاتجاهات.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ التوغّل الإسرائيلي في الجنوب الغربي من سوريا، يعد تحوّلًا استراتيجيًا يستبطن بعدين متلازمين، أولهما، السيطرة على الموارد المائية في حوض اليرموك، بما يهدد بشكل مباشر الأمن المائي الأردني الذي يعتمد على هذا الحوض لتغذية نهر اليرموك وسدّ الوحدة؛ وثانيهما، فرض واقع جيوسياسي جديد يتقاطع مع المساعي الإسرائيلية المتسارعة للهيمنة على المنطقة "ج" في الضفة الغربية، الأمر الذي قد يضع الأردن بين فكي كماشة جغرافية ـ استراتيجية، خصوصًا في ظلّ الخطاب الإسرائيلي المتغوّل الذي يبشر بمشروع "إسرائيل الكبرى".

وبيّن أبو زيد أنّ هذا التقدّم الإسرائيلي يتقاطع مع مخاطر أخرى لا تقلّ حدّة، وفي مقدمتها احتمال إعادة إنتاج الجماعات المتطرفة في الجنوب السوري، وفي مناطق البادية تحديدًا، حيث تشهد السخنة ودير الزور ومحيطهما تحرّكات لتنظيم "داعش" الإرهابي، بما ينذر بفراغ أمني يتجاوز قدرة الجيش السوري على احتوائه، لا سيما أنّ الفصائل المسلحة التي يسعى النظام لدمجها ضمن بنيته العسكرية تتباين في أيديولوجياتها وولاءاتها وانتماءاتها، وهو ما يهدد بخلق بيئة هشّة قابلة للانفجار في أي لحظة.

ونوّه إلى أنّ الأردن يتوجس أيضًا من إعادة تموضع الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق وسوريا، لما ينطوي عليه ذلك من تأثير مباشر على معادلة الاستقرار في المثلث الحدودي الأردني – السوري – العراقي، مستشهدًا بتعثر مشروع أنبوب النفط (البصرة – العقبة) الذي جرى الاتفاق عليه منذ العام 2015، لكنّه لم يُنفّذ بسبب ما أسماه "الفيتو الإيراني"، وهو ما يعكس هشاشة قدرة الأردن على التعويل على بغداد في ظلّ تغلغل النفوذ الإيراني في مؤسسات الدولة العراقية.

وأشار أبو زيد إلى أنّ هذه المعطيات دفعت الأردن إلى إعادة صياغة أولوياته الإقليمية، عبر الانفتاح أكثر على تركيا، انطلاقًا من تقاطع الرؤى بين الطرفين إزاء وحدة الأراضي السورية واستقرارها، فضلًا عن الاستفادة من الزخم الذي وفّرته الاجتماعات الخماسية (الأردن، العراق، سوريا، تركيا، ولبنان)، والتي وإن لم تفضِ إلى منظومة أمنية متكاملة، فإنها أفرزت على الأقل إطارًا أوليًا للتنسيق الأمني تمثل في إنشاء "غرفة عمليات مشتركة" بين دول الجوار.

وتابع أنّ الأردن بات ينظر إلى الملف السوري من خلال مسارين متوازيين هما: مسار أمني يرتكز على حماية حدوده الشمالية وضبط تهريب المخدرات الذي تفاقم بشكل لافت، وتطوّر من مستوى التهريب الفردي إلى شبكات عابرة للحدود مرتبطة بجهات منظمة؛ ومسار دبلوماسي يهدف إلى إعادة تجسير العلاقات مع دمشق، من أجل فتح ملفات حيوية مثل ترسيم الحدود، وضمان الحقوق المائية في حوض اليرموك، غير أنّ هذا المسار أصبح أكثر تعقيدًا بعد دخول إسرائيل لاعبًا مباشرًا في الجنوب السوري، بما يعني أنّ أي مفاوضات مستقبلية ستُجرى على طاولة متعددة الأطراف، لا تضم النظام السوري وحده، بل تشمل أيضًا إسرائيل كطرف متنفذ.

واختتم أبو زيد حديثه بالتأكيد على أنّ الأردن يقف اليوم أمام تحديات متداخلة، حيث تتقاطع الهواجس المائية والأمنية والجيوسياسية في معادلة واحدة، تجعل من المشهد السوري عامل ضغط مضاعف على حساباته الوطنية، معتبرًا أنّ نجاح عمان في صياغة مقاربة متوازنة يتطلب مزيجًا من الحذر الاستراتيجي، والدبلوماسية النشطة، والانفتاح على شراكات إقليمية مرنة، في وقت تبدو فيه التوازنات الدولية والإقليمية غير مستقرة، بل آخذة في التسييل بما قد يضع الأردن مرّة أخرى في قلب معادلة إقليمية متحركة لا يملك ترف الابتعاد عنها.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية