إسرائيل وسوريا... كواليس على الجميع معرفتها

{title}
أخبار الأردن -

 

قال خبير الشأن الاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة إن إسرائيل، في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر، باتت تتبنى مقاربة استراتيجية مغايرة تمامًا لما كان سائدًا قبل هذا التاريخ، خصوصًا فيما يتصل بالاعتبارات الأمنية وترتيبات الحدود الجغرافية المحاذية لها.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ ثمة حراكًا إسرائيليًا متدرجًا وممنهجًا لإعادة صياغة معادلة الأمن الإقليمي بصورة تضمن، من منظورها، تحييد أي نظام ذي توجهات عدائية على الضفة المقابلة، وإجهاض إمكانية عودة مفاهيم مثل "وحدة الساحات" التي كانت مطروحة في حقبة سابقة.

وبيّن السبايلة أنّ تل أبيب، بعد نجاحها في إضعاف معظم الجبهات المتاخمة، تسعى إلى إعادة رسم هندسة الحدود من زاوية أمنية صِرفة، غير أنّ هذا المسار – بحسب تقديره – لن يقف عند حدود المقاربة الأمنية، فهو سيمتد ليطال البعد السياسي المتعلق بتحديد هوية الفاعل الذي سيكون على الجهة الأخرى من الحدود، بما يجعل هذا الاستحقاق بمثابة أحد المرتكزات الجوهرية للعقيدة الأمنية الإسرائيلية في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر.

واستطرد منوهًا إلى أنّ المؤشرات الراهنة تكشف عن غياب أي قناعة لدى إسرائيل بجدوى الدخول في مسار تسوية سياسية مع دمشق، إذ تنظر إليها باعتبارها جبهة ينبغي إخضاعها بالكامل للهيمنة الأمنية، مضيفًا أنّ النظام السوري، في بنيته الراهنة، يفتقر إلى أدوات الردع والمواجهة، بل وحتى إلى مقومات الاستنزاف الأمني، وهو ما منح إسرائيل اليد الطولى في إدارة الملف السوري، سواء عبر فرض معادلة التفوق العسكري أو من خلال التحكم في توقيت وشكل المواجهة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.

ولفت السبايلة الانتباه إلى أنّ تل أبيب كرّست، خلال السنوات الماضية، واقعًا ميدانيًا يتيح لها استباحة الأجواء السورية وتوجيه ضربات نوعية، سواء لاستهداف الوجود الإيراني أو حزب الله، أو لضرب مراكز حيوية في العمق السوري، وصولًا إلى تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة داخل دمشق ذاتها، مشيرًا إلى أنّ هذه العمليات كانت سابقة للحرب الأخيرة، وهو ما يعكس ثبات العقيدة العملياتية الإسرائيلية في التعاطي مع التهديدات العابرة للحدود.

وفي معرض تحليله لمآلات المشهد، شدد على أنّ إسرائيل لن تقبل بإعادة إنتاج النمط الذي كان قائمًا إبّان الحقبة السابقة، إذ لم يعد الملف مقتصرًا على الخطوط الحدودية، وتجاوزه إلى ما هو أعمق، ليشمل بنية الداخل السوري وطبيعة النظام ذاته، مردفًا أنّ تل أبيب، انطلاقًا من مقاربة براغماتية، تدرك أنّ موازين القوى تميل بشكل شبه مطلق لصالحها، ما يمنحها هامشًا واسعًا لممارسة أقصى أشكال الضغط على النظام الذي يعيش مأزقًا وجوديًا، في ظل حالة التآكل البنيوي، وانشغاله بأزمات أمنية متفاقمة، من أحداث الساحل إلى صدامات السويداء والتوترات مع المكوّن الكردي.

واختتم  السبايلة حديثه بالتأكيد على أنّ إسرائيل تعمل على إعادة تشكيل الخارطة السياسية السورية، في ضوء هشاشة البنية المركزية للدولة، وهو ما يفتح الباب أمام طرح مقاربات مثل اللامركزية أو إدارة الأطراف، بما يسهّل على تل أبيب التعامل مع فاعلين سوريين متعددين بدل الاكتفاء بالتعاطي مع مركز واحد، في حين يبقى التحدي الجوهري أمام دمشق هو إثبات قدرتها على تحويل التفاهمات النظرية في الغرف المغلقة إلى التزامات فعلية على الأرض، ضمن مشهد إقليمي بالغ السيولة والتعقيد.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية