أبو زيد لـ"أخبار الأردن": مطالبون برفع سقف خطابنا الإعلامي والسياسي لكبح اندفاع تل أبيب
قال الخبير العسكري نضال أبو زيد إن التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يمكن قراءتها إلا في إطار "البروباغاندا السياسية" الهادفة إلى الاستثمار الانتخابي داخل معسكر اليمين الإسرائيلي المتطرف، أكثر من كونها برنامجًا عمليًا قابلًا للتنفيذ.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن نتنياهو يسعى، عبر هذا الخطاب، إلى إعادة تعبئة قاعدته الاجتماعية والسياسية استعدادًا للاستحقاق الانتخابي المقرر عام 2026، مستخدمًا أدوات الخطاب الشعبوي والمبالغات الأيديولوجية لتغذية نزعة التوسع الاستعماري.
وأضاف أبو زيد أن الأردن، بما يمثله من موقع جيوسياسي فاعل وثقل دبلوماسي تاريخي، بات أمام استحقاق مزدوج، فمن جهة، يتعين عليه صياغة موقف عربي موحّد يحصّن المنطقة في مواجهة هذه التوجهات العدوانية، ومن جهة أخرى، يتوجب عليه تعزيز أدواته الإعلامية والدبلوماسية بما يكفل مجابهة الخطاب الإسرائيلي المتشدد بخطاب أردني أكثر صلابة واندفاعًا.
وأشار إلى أن رفع سقف الخطاب الإعلامي الأردني، وتذكير الاحتلال بالرصيد التاريخي للجيش الأردني في معارك القدس، واللطرون، والجفتلك وباب الواد وصولًا إلى الكرامة، يشكل عامل ردع نفسي وسياسي يربك صانع القرار الإسرائيلي ويحدّ من اندفاعته الإعلامية المتطرفة.
وأوضح أبو زيد أن اختيار نتنياهو قناة "i24" الناطقة بالعربية لنشر رسائله بدلاً من القنوات العبرية التقليدية، لم يكن تفصيلاً عابرًا، فهو إشارة تحمل أبعادًا مركبة؛ إذ استهدفت، داخليًا، إعادة تدوير صورته القيادية أمام المجتمع الإسرائيلي، وخارجيًا، محاولة التأثير في الشارع العربي عبر صياغة خطاب صهيوني جديد يشرعن الأدبيات التوسعية من خلال أدوات القوة العسكرية.
وأشار أبو زيد إلى أن هذه التصريحات جاءت محمولة على جملة من المحفزات؛ في مقدمتها الخطوات الأردنية "الخشنة" التي قادتها الدبلوماسية تجاه الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، فضلًا عن نجاح عمّان في تدويل عمليات الإنزال الجوي لكسر الحصار عن القطاع، وهو ما اعتبره الاحتلال ضربة مباشرة لروايته وحصاره، كما أن الجولات الأوروبية التي قادها جلالة الملك عبدالله الثاني، والتي أفضت إلى تحقيق اختراقات دبلوماسية بارزة خصوصًا في ألمانيا، زادت من حدة القلق الإسرائيلي، ودفعته إلى محاولة امتصاص هذا الزخم عبر خطاب صدامي يستند إلى مرجعيات توراتية لتبرير نزعاته التوسعية.
واختتم أبو زيد حديثه بالإشارة إلى أن المشهد بمجمله يتطلب تشكيل الأردن لمواقف أكثر صلابة في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، وأنه بات مطلوبًا منه تكثيف أدواته الدبلوماسية والإعلامية بما يحوّل هذا الصمود إلى حالة إقليمية جامعة، تعيد توجيه بوصلة الوعي العربي وتؤسس لجدار صدّ سياسي وإعلامي قادر على كبح الاندفاعة الإسرائيلية.

