العتوم لـ"أخبار الأردن": الأردن في مواجهة معادلة النار والوساطة
قال مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية الأستاذ الدكتور نبيل العتوم إنّ المخاوف الأمنية تتقدّم لتتصدر مشهد الحسابات الأردنية في التعاطي مع الجنوب السوري، إذ تتشابك الهواجس من تسلل الفوضى عبر الحدود الشمالية، مع تعقيدات المشهد الجيوسياسي الذي يتغير على نحو متسارع.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن التحديات لا تقتصر على عمليات تهريب السلاح والمخدرات أو تسلل العناصر المتطرفة، فهي تمتد إلى سيناريوهات أكثر خطورة تتعلق بتحويل مناطق مثل السويداء إلى كيانات شبه مستقلة، تحت رعاية خارجية غير معلنة، يطلّ فيها الدور الإسرائيلي كظلّ ثقيل على أمن الإقليم بأسره.
ونوّه العتوم إلى أن الأردن يقف على "خط النار الهادئ"، موازنًا بين ضرورات حماية أمنه الوطني ومقتضيات دوره وسيطًا نزيهًا في مناطق الصراع، مضيفًا أن موقعه الجغرافي الفريد، واستقراره الأمني مقارنة بجيرانه، وشبكة علاقاته الممتدة من واشنطن إلى دمشق، جميعها عوامل تمنحه ميزة تفاوضية قلّ أن تتوافر في أطراف أخرى، معززةً بخبراته المتراكمة في إدارة ملفات معقدة – من المسار الفلسطيني إلى الأزمة العراقية – بما يجعله محط ثقة الأطراف المتنازعة.
لكن المشهد في الجنوب السوري، وخصوصًا بعد انحسار نسبي للحضور الميداني المباشر لبعض الميليشيات الإيرانية، أصبح ساحة مفتوحة لصراع النفوذ بين قوى دولية وإقليمية؛ من إسرائيل وإيران إلى روسيا والفصائل المحلية المسلحة، مردفًا أن هذا الصراع يغذّيه تصاعد اقتصاديات الحرب، وعلى رأسها تجارة المخدرات العابرة للحدود، التي تهدد بتقويض أي استقرار هشّ في المنطقة، وفقًا لما صرّح به العتوم لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وأشار إلى أن الأردن يسعى إلى استثمار جغرافيته ومصداقيته الدبلوماسية لتقريب المسافات بين دمشق وواشنطن، وضمان عدم انزلاق الجنوب السوري إلى فراغ أمني شامل، مع الحفاظ على دوره ممرًا إنسانيًا ولوجستيًا أساسيًا، والدفع نحو إعادة دمج سوريا في محيطها العربي، على قاعدة وحدة أراضيها وخلوها من القوى الأجنبية المتصارعة.
ولفت العتوم الانتباه إلى أن الأردن أمام معادلة دقيقة تتمثل في التمسك بدوره وسيطًا إقليميًا ودرعًا أمنيًا متقدمًا، مع تجنّب الوقوع في شرك صراعات مفتوحة قد تعيد ترسيم خرائط الحدود السياسية والأمنية، وتهدد استقراره الداخلي، بل وربما تفرض معادلات جديدة على الإقليم بأسره.

