الزغول لـ"أخبار الأردن": مفاوضات طهران وتل أبيب من الطاولة إلى الهاوية

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الباحث في مركز الإمارات للسياسات الدكتور محمد الزغول إن المواجهة العسكرية الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الإسرائيلي أحدثت تحوّلًا قاسيًا في البيئة الاستراتيجية التي كانت تُشكّل الخلفية المنطقية لانخراط كلٍّ من طهران وواشنطن في مسار المفاوضات النووية المكثّفة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الحسابات الحاكمة للمفاوضات لم تعد تدور في إطار الضرورات السياسية والدبلوماسية السابقة، إذ نشأت معادلات جديدة ومتطلبات متباينة جوهريًّا عن تلك التي كانت تُحدّد سقف التفاهمات الممكنة على طاولة التفاوض التقليدية.

وبيّن الزغول أن هناك فجوة متسعة بين الرؤيتين الأمريكية والإيرانية حول جدول أعمال أي مفاوضات مستقبلية، وهي فجوة مرشّحة لإحداث حالة من الجمود أو حتى التصلب في مسار التفاوض، ما لم يُعثر على قاعدة مشتركة يمكن البناء عليها، وبالتالي، من غير المرجح أن يشهد هذا المسار عودة سريعة أو تلقائية إلى طاولة الحوار، خصوصًا في ظل دخول المشهد الدولي مرحلة انتقالية مُركبة، تتوسط بين "واقع تفاوضي قديم" استند إلى حسابات ما قبل التصعيد العسكري، و"واقع ناشئ" أفرزته تداعيات الاشتباك المباشر بين طهران وتل أبيب في يونيو الماضي، والذي قزّم من أهمية المفاوضات النووية، وسحبها من دائرة الأولويات العاجلة لكلا الطرفين.
ورجّح أن تتجه إيران إلى إعادة إنتاج مفهوم "العتبة النووية" أو استدعاء بعض تكتيكاتها السابقة، كمحاولة لاستعادة أدوات الضغط الاستراتيجي، دون الذهاب إلى خطوات متهورة قد تفتح الباب أمام مواجهة شاملة، إلا أنّ هذه العودة المحتملة إلى خطاب "العتبة" ستُصطدم بعقبة قانونية وسياسية في آنٍ واحد، تتمثّل في احتمال تفعيل "آلية الزناد" الأوروبية، التي باتت تمثّل تهديدًا واقعيًّا وجديًّا مع اقتراب نهاية أغسطس، ما يعني فتح الملف النووي الإيراني على احتمالات تصعيدية جديدة، بعضها خارج عن نطاق السيطرة التقليدية.

ورغم أن المفاوضات النووية لا تزال تمثّل أحد أبرز محرّكات السياسة الخارجية الإيرانية، وتُعدّ أداة مركزية في رسم معالم التوجه الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية، إلا أنّ التداعيات السياسية والعسكرية التي أفرزتها "حرب الأيام الاثني عشر" دفعت خيار العودة إلى المفاوضات نحو هامش المشهد السياسي الإيراني، على الأقل في الأمد القريب، وفقًا لما صرّح به الزغول لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وأردف أن الجهاز الدبلوماسي بقيادة حكومة الرئيس مسعود بزشكيان يُبدي رغبة في الحفاظ على قنوات الاتصال والحوار النووي مفتوحة، إلا أن الواقع الجديد الذي فرضته المواجهة العسكرية خلق جملة من التعقيدات، سواء من حيث التوقيت، أو طبيعة الأطراف الفاعلة، أو تباين التوقعات السياسية حول ما ينبغي أن تُفضي إليه أي مفاوضات محتملة.

وفي ظل هذا السياق المشحون، تُطرح تساؤلات جدّية حول إمكانية استئناف الحوار، وحول شكل ومضمون الطاولة الجديدة – إن وُجدت – والتي ستكون بعيدة تمامًا عن تلك التي عرفها العالم إبّان اتفاق 2015، بكل ما حملته من تنازلات متبادلة وهندسات دبلوماسية حساسة.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية