أزمة الجماعة أم أزمة الفكرة؟.. المقابلة يجيب "أخبار الأردن"
قال الباحث والناشط السياسيّ الدكتور معن المقابلة، إن جماعة الإخوان المسلمين شكّلت إحدى أبرز الحركات الإسلامية في العالم العربي من حيث الامتداد التنظيمي والرمزية الأيديولوجية، غير أن المسار السياسي للجماعة شهد خلال العقد الأخير تحولات دراماتيكية كشفت عن فجوة حقيقية بين طموحات المشروع الإسلامي وأدوات تحقيقه.
وأوضح المقابلة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه تمّ تصوير الجماعة من قبل خصومها على أنها قوة سياسية وتنظيمية ذات دهاء استثنائي، وكمصدر تهديد دائم يُبرّر الإجراءات الأمنية والملاحقات القانونية بحق أعضائها ومناصريها، إلا أن مراجعة معطيات الواقع تشير إلى أن هذه الصورة كانت، في كثير من الأحيان، مضخّمة أكثر مما هي واقعية.
وبيّن أن الجماعة دفعت كلفة سياسية واجتماعية مرتفعة قياسًا بما حققته من نتائج، إذ إن جزءًا من المأزق يعود إلى الأداء السياسي للجماعة نفسها، خصوصًا من حيث انغلاقها ضمن منطق "التنظيم" أكثر من منطق "المؤسسة"، مما أحدث فجوة في التفاعل مع الشارع والقوى الوطنية الأخرى.
واعتبر أن هذه الإخفاقات ساهمت في تآكل رصيد الجماعة الشعبي، ليس بفعل القمع فحسب، وإنما بسبب تصورات ارتبطت بعدم نضوج مشروعها السياسي، وضعف قدرتها على إدارة التعددية، وإخفاقها في بناء تحالفات متماسكة داخل المشهد الديمقراطي.
اليوم، وبعد أكثر من عقد على الربيع العربي، لم تعد جماعة الإخوان تحظى بنفس الزخم السياسي أو الرمزية الحركية التي امتلكتها سابقًا، وقد دفعت هذه التحولات إلى إعادة تقييم عميق وشامل لمجمل الخطاب والممارسة السياسية للحركات الإسلامية، بما فيها الإخوان، بعيدًا عن فكرة "الاستئناف من حيث انتهينا"، وفقًا لما قاله المقابلة.
ونوّه إلى أن مستقبل المشروع السياسي الإسلامي يظل مفتوحًا على سيناريوهات متعددة، إذ يعد انحسار الجماعة فرصة لإعادة بناء خطاب جديد أكثر نضجًا وتعددية، يما قد ينظر إلى ذلك على أنه حدود ذاتية للمشروع، لم ينجح في تحقيق التوازن بين الأيديولوجيا ومتطلبات الدولة.
واختتم المقابلة حديثه بالقول إن لحظة المراجعة تعد ضرورة لا ترفًا، سواء للإخوان كتنظيم، أو للفكرة الإسلامية السياسية في عمومها، إذ لم تعد أسئلة الشرعية والفعالية والمساءلة مؤجلة، بقدر ما باتت شرطًا ضروريًا لأي عودة أو إعادة تموضع جادّة.

