أحداث السويداء "عربون" سياسي.. والشرع يبتز الكبار من أجل فرصة لا تعوض

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير العسكري محمد المغاربة، إن ما جرى في السويداء بدا أقرب إلى "عربون" سياسي مقدم، وإثبات حضور ضروري أراد «الرئيس الشرع» وفريقه تقديمه، ليؤكدوا قدرتهم على المبادرة داخليًا قبل أن ينتقلوا إلى خطوات أوسع خارج هذا الإطار.

وأوضح المغاربة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن "قيادات سوريا الجديدة"، بقيادة الشرع، تمكنت من الإمساك فعليًا ببعض المفاتيح الكبرى في الإقليم، مضيفًا أن هذا التمكن تجسد بوضوح بعد تجاوز أهم العقبات الأمريكية، والمتمثلة في رفع التصنيف الإرهابي، ما فتح أمام دمشق أبوابًا جديدة للمناورة السياسية والدبلوماسية.

وبيّن المغاربة أن العقوبات الاقتصادية والسياسية التي رفعتها الولايات المتحدة مؤخرًا تُعد إنجازًا نوعيًا، إلا أنها تظل محدودة المدى وغير مستقرة، كون القرار مؤقتًا لمدة ستة أشهر فقط، بينما يظل "قانون قيصر" حاضرًا، حتى وإن عُلّقت بعض عقوباته الأشد إيلامًا، ولعل الهدف الأبرز الذي يضعه صناع القرار في دمشق نصب أعينهم هو السعي الحثيث لإلغاء هذا القانون بشكل كامل عبر الكونغرس الأمريكي بعد انتهاء عطلته الصيفية، مستندين في ذلك إلى مناورة محسوبة بدقة بين الجبهات العسكرية والسياسية والدبلوماسية.


وأشار إلى أن المرحلة الحالية في الإقليم محكومة بموجة إرهاصات غير منفصلة عن الحراك الذي يقوده الشرع وفريقه، مستندين إلى ثلاث مستويات قوة متداخلة تبدأ بما يمتلكه الشرع من حضور مقاتل أيديولوجي صلب مدعوم بخلفية ميدانية وجغرافية مفتوحة على أربع جهات، تتجاوز الحدود التقليدية، مرورًا بامتلاك الشرع وعيًا سياسيًا متقدمًا مكّنه من صياغة توليفة عقلانية تقوم على البراغماتية السياسية، والمرونة الأيديولوجية، والانضباط ضمن القيود الشرعية، وهي توليفة تلاقي قبولًا في الوعي الجمعي السوري، ووصولًا إلى مهارة "الرئيس الشرع" في الجمع بين عقلية التاجر والمستثمر وصياد الفرص، إذ استطاع بدهاء استدراج اللاعبين الإقليميين والدوليين إلى مربعات يريدها، بحيث يظنون أنهم يصيدونه بينما هو من يصطادهم سياسيًا واقتصاديًا.

وذكر المغاربة أن شواهد ذلك تبرز في تقديمات كبرى حصل عليها الشرع من قوى إقليمية ودولية، بما يعكس قدرته على ممارسة "الابتزاز الإيجابي" للحصول على مكاسب ملموسة قبل تقديم أي تنازلات.

يُعتقد أن الشرع، من خلال خطوته في السويداء، نجح في فرملة اندفاعة إسرائيل نحو الوفاء بتعهداتها التاريخية تجاه الدروز، إذ اقتصرت ردود تل أبيب على تدخلات خجولة، في مؤشر على خسارتها جولة المساومة التجارية مع دمشق، وتذهب بعض التقديرات إلى أن الشرع لوّح للإسرائيليين بإمكانية إعادة فتح باب التعاون مع إيران كورقة ضغط إضافية، وفقًا لما قاله الغاربة.

واستطرد قائلًا إن دمشق اليوم تبدو مدركة أن المرحلة الحالية هي "وقت ذهبي" محدود، تجري فيه إعادة تموضع إقليمي كبير استعدادًا لتصعيد محتمل ضد إيران، وربما ضد حزب الله وميليشيات الحشد الشعبي، وضمن هذا الهامش الضيق، يسعى الشرع وفريقه لاستثمار اللحظة لابتزاز القوى الكبرى وإنهاء ملف الدروز جذريًا، ثم الانتقال لمعالجة "الملف الكردي"، عبر إعادة الأكراد إلى موقع تاريخي كـ"شبه لاجئين" داخل الدولة السورية، دون منحهم أي وضع جغرافي أو سياسي خاص خارج إطار الدولة المركزية.

وأردف المغاربة أن هذه التحركات تُظهر أن "الرئيس الشرع" وفريقه يلعبون لعبة معقدة بين الداخل والخارج، يوظفون فيها القوة الميدانية، والمرونة السياسية، وحس التاجر البارع في انتهاز الفرص، ومع أن الوقت المتاح قصير والضغوط هائلة، إلا أن الرهان الأكبر يبقى على قدرة هذا الفريق على تحويل المكاسب المؤقتة إلى مكتسبات دائمة تعيد رسم التوازنات في سوريا والإقليم.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية