العموش لـ"أخبار الأردن": مشروع "الولايات العربية المتحدة" ممكن

{title}
أخبار الأردن -

 

•    مشروع الولايات العربية المتحدة فكرة تاريخية قابلة للتحقق

•    الخطأ الأكبر للنخب العربية هو الانبهار الأعمى بفكرة امتلاك السلاح النووي

•    علينا أن نحرّر العقل العربي أولًا من سجون التجزئة والوهم، وأن نبدأ ثورة حقيقية في التعليم والإنتاج والمعرفة

•    العالم يحترم القويّ المتعلم المنتج لا من يرفع شعارات الوحدة في الخطب ويؤسس للسجون في الواقع

قال الوزير الأسبق بسام العموش إنّ مشروع الولايات العربية المتحدة فكرة تاريخية قابلة للتحقق إذا توافرت الإرادة السياسية والعقل الجمعي المستنير.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا النموذج يمكن أن يُبنى على صيغة فيدرالية، بينما تُدار السياسة الخارجية والدفاع والأمن المشترك بروحٍ موحَّدة تعبّر عن المصلحة العربية العليا.

وبيّن العموش أنّ المشكلة لا تكمن في غياب العقول التي تؤمن بها وتسعى لتحقيقها، مشددًا على أنّ العرب استسلموا لحدودٍ رسمها الاستعمار قبل قرن، ثم حوّلوها إلى خطوط مقدَّسة لا يجوز الاقتراب منها أو إعادة النظر فيها، رغم أنّ الأصل هو أن تكون وسيلة لتنظيم الحياة لا غاية تُعبد.

وأردف أنّ الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه النخب العربية هو الانبهار الأعمى بفكرة امتلاك السلاح النووي كطريق مختصر للهيبة والقوة، متسائلًا: «هل امتلاك النووي غيّر واقع باكستان الاقتصادي أو الاجتماعي؟... هل جعلها في مصافّ الدول المتقدمة؟".

وأشار العموش إلى أنّ باكستان لم تُسلَّح نوويًا إلا في سياق صراع الحرب الباردة لتوازن الردع مع الهند، بينما بقيت تعاني أزمات داخلية وهيكلًا اقتصاديًا متصدعًا، مضيفًا أنّ إيران اليوم تسعى لامتلاك النووي وسط معادلات دولية معقدة، لكن ذلك لن يُنتج تنمية أو تعليمًا أو صناعةً حديثةً تُغيّر حياة الإيرانيين.

وأوضح أنّ العرب بدورهم تبنّوا عقلية الغرب في استنكار امتلاك الآخرين للسلاح النووي، متسائلًا: "لماذا نرفض أن تملك إيران النووي بينما نقبل به في أيدي قوى عظمى تهدد أمن المنطقة؟"، ليؤكد في المقابل أنّ الحل لا يكون في سباق التسلّح، وإنما في الدعوة إلى شرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، بما فيها النووية والكيميائية.

ولفت الوزير الأسبق إلى أنّ تقديس الحدود الحديثة حوّلها إلى خطوط دم، مستشهدًا بما جرى في أزمة الكويت عام 1990، حين اجتاح صدام حسين الكويت.

"كنت ضد دخول صدام للكويت لأنه يُشرعن اجتياح الأشقاء بعضهم لبعض، ولو قبلنا ذلك، لقبلنا أن تدخل أي دولة عربية أخرى جارتها بالقوة، فنحوّل الأمة إلى ساحة اقتتال داخلي"، وفقًا لما قال.

وبيّن العموش أنّ البديل الحقيقي هو وحدة طوعية على غرار الولايات المتحدة الأميركية التي خاضت حربًا أهلية لكنها استقرت على نظام فيدرالي قوي، مع احترام خصوصيات كل ولاية، مؤكدًا: «نستطيع بناء مشروع اسمه الولايات العربية المتحدة، بشرط أن نؤمن بأنّ العدو الحقيقي في العقل المنغلق لا في الجغرافيا".

وتابع حديثه قائلًا إنّ النهضة الحقيقية تبدأ بالتعليم، مستشهدًا بما فعله إمبراطور اليابان بعد هزيمتها النووية في الحرب العالمية الثانية، حيث لم يرفع شعار الثأر أو الانتقام، وإنما وقّع وثيقة الاستسلام دون قراءة، ثم شرع ببناء المدارس والجامعات، فخرجت اليابان من تحت الركام لتصبح قوة صناعية وتقنية عالمية بلا سلاح نووي.

وأضاف أنّ العرب يملكون كل مقومات النهوض؛ من تاريخٍ ضارب في القدم وحضارات عريقة وثروات بشرية وطبيعية هائلة، لكنهم يفتقدون أهم عنصر، ألا وهو إدارة الموارد البشرية بالعلم لا بالشعارات، مشيرًا إلى أنّ السجون العربية باتت رمزًا لإهدار الطاقات بدل استثمارها.

وفي سياق متصل، تطرّق العموش إلى الداخل الإيراني، موضحًا أنّ إيران ليست كلها شيعية جعفرية، إذ يعيش فيها أكثر من 10 ملايين سنيّ، لكن الخميني أصرّ منذ اللحظة الأولى على كتابة "الجمهورية الإسلامية بمذهبها الجعفري" في الدستور، ما جعل فئات واسعة من الشعب على هامش القرار السياسي.

كما لفت إلى أنّ الشعب الفلسطيني انتظر طويلًا مخلّصًا من الخارج حتى أدرك أنّ "ما حك جلدك مثل ظفرك"، وأنه لا خلاص إلا من الداخل وبإرادة مستقلة، مؤكدًا أنّ العالم لا يُعطي الحق إلا لمن ينتزعه علمًا وقوة وتنظيمًا.

واختتم الوزير الأسبق حديثه بالإشارة إلى أن مشروع الولايات العربية المتحدة ليس مستحيلًا، لكننا بحاجة إلى أن نحرّر العقل العربي أولًا من سجون التجزئة والوهم، وأن نبدأ ثورة حقيقية في التعليم والإنتاج والمعرفة؛ فالعالم يحترم القويّ المتعلم المنتج، لا من يرفع شعارات الوحدة في الخطب ويؤسس للسجون في الواقع".

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية