الماضي لـ"أخبار الأردن": حزب الله على قناعة بانتهاء دوره

{title}
أخبار الأردن -

قال أستاذ علم الاجتماع السياسيّ الدكتور بدر الماضي إن هناك حراكًا سياسيًا واسعًا وغير مسبوق تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، يتمظهر تحديدًا من خلال مبعوثها الخاص توني باراك، بالتوازي مع حراك سعودي نشط باتجاه الداخل اللبناني.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الغاية المضمَرة من هذا الحراك المزدوج هو التوصل إلى تفاهمات نهائية تمهّد الطريق للإعلان عن "وفاة" حزب الله، وإن كان ذلك "سريريًا"، بوصفه فاعلًا مقاومًا يرفع شعار المواجهة المسلحة مع إسرائيل، مقابل إعادة إنتاجه في المشهد اللبناني كجزء من النسيج السياسي التقليدي، بما يضمن للحزب البقاء في الوعي الجمعي لشرائح واسعة من اللبنانيين والعرب كـ"حزب سياسي مقاوم" ولكن في صيغة مغايرة.

وبيّن الماضي أن حزب الله، في هذا السياق، لا يسعى إلى إحداث قطيعة فجائية مع إرثه المقاوم الذي شكّل عماد حضوره، بقدر ما يفضّل اعتماد استراتيجية التدرّج؛ تلك التي تُمكّنه من التحوّل دون خسارة سريعة أو شاملة لقاعدته الاجتماعية المتنوعة.

وأشار إلى أن الحزب يدرك تمامًا أنه ظلّ لعقود يحتل موقعًا رمزيًا استثنائيًا لدى قطاعات واسعة من التيارات الإسلامية والقومية واليسارية، التي آمنت بأنه رأس حربة مشروع تحرير فلسطين، غير أنّ الوقائع المتراكمة منذ سنوات، وتحديدًا بعد التحولات الجذرية التي أصابت الإقليم، دفعت الحزب - على ما يبدو - إلى قناعة صادمة مفادها أنّ المشروع الإيراني في المنطقة قد استُنفِد وانتهى.

ولفت الماضي الانتباه إلى أنّ رأس الحزب بات مطلوبًا سياسيًا وأمنيًا للولايات المتحدة ولعدد من القوى الإقليمية التي تسعى لطيّ صفحة النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا، بعد سقوط المشروع الإيراني فعليًا عبر "بوابة دمشق" في ديسمبر 2024، إذ تُجمع هذه القوى على ضرورة إزالة الأرضية التي يمكن أن تُعيد إحياء مشروعٍ أسهم في خلق حالة قلق استراتيجي عميق، نتيجة تبنّيه رواية الأقليات والتلاعب العاطفي بالقضية الفلسطينية، فضلًا عن قناعةٍ راسخة بأن الحزب لم يكن سوى أداة ضمن استراتيجية إيرانية كبرى قائمة على سياسة "الإشغال المستمر" وصولًا إلى تقاسم النفوذ مع إسرائيل.

ولفت الماضي الانتباه إلى أنّ الحزب نفسه استبطن هذه القناعة، وشرع في التكيّف مع موازين القوى الجديدة في الإقليم، ومن المثير أن ثمة مؤشرات على توافق ضمني بين الحزب وطهران يقضي بالإبقاء على الهيكل السياسي والاجتماعي لحزب الله، حتى لو تراجع وجوده العسكري التقليدي داخل لبنان، ذلك أنّ النفوذ الثقافي والفكري للحزب يظلّ مكسبًا ثمينًا لإيران، يُستخدم لاحقًا كأداة دعم غير مباشرة لسياساتها الإقليمية، حتى في ظل تراجع النفوذ السياسي والاستراتيجي المباشر لإيران بفعل تحولات ما بعد سقوط بشار الأسد وتآكل البنية العسكرية والسياسية للحزب.

واستطرد قائلًا إن ما يجري اليوم أقرب ما يكون إلى إعادة صياغة شاملة لدور حزب الله ووظيفته، ضمن تسوية إقليمية أوسع، تسعى من خلالها الولايات المتحدة وبعض العواصم العربية إلى إعادة ترتيب الأوراق، وتجنيب لبنان انفجارات داخلية جديدة، وفي الوقت ذاته شطب النفوذ الإيراني كفاعل عسكري صلب، والإبقاء عليه كفاعل ثقافي وسياسي محدود التأثير.

واختتم الماضي حديثه بالقول إن الحزب يخوض اليوم معركة أصعب بكثير من معاركه السابقة، والتي تتمثل في معركة التوازن بين إرثه المقاوم الذي منحَه شرعية شعبية عابرة للحدود، وبين واقعية سياسية تفرضها المتغيّرات الكبرى، ليظلّ حاضرًا، وإن بوجهٍ مختلف، في ذاكرة ووجدان أبناء لبنان والمنطقة.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية