رئيس تحرير الأهرام المصرية لـ"أخبار الأردن": بداية النهاية لمشروع "الدولة الإسرائيلية"

قال رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية عبد العظيم حمّاد إن إيران لم تخرج منتصرة من جولة التصعيد الأخيرة، ومن يروّج لمثل هذا الادعاء إنما يعيد إنتاج أمنياته الذاتية في قالبٍ سياسي لا يستند إلى وقائع صلبة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن قدرة النظام الإيراني على امتصاص الضربات، رغم فداحة الانكشاف الذي عرّته الهجمات الإسرائيلية في الأيام الأولى من العدوان، تعكس حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن النظام، برغم هشاشته المؤسسية وافتقاده لآليات رقابة ومساءلة ديمقراطية فعّالة، يمتلك مرونة تكتيكية ساعدته في تجاوز أزمات مماثلة سابقًا.
وبيّن حمّاد أن هناك عدة عوامل مجتمعة - بدءًا من الرفض الصريح للاستسلام، مرورًا بإعادة التماسك الداخلي، وصولًا إلى الضربات الانتقامية المدروسة تجاه إسرائيل، وإدارة الأزمة الدبلوماسية بحنكة محسوبة - حسّنت صورة طهران إقليميًا ودوليًا، غير أن ذلك لا يعني تغيّرًا جذريًا في بنية النظام أو تحوله نحو الانفتاح أو الإصلاح، وإنما يظل نظامًا مغلقًا متخشّبًا، يفتقر إلى البنى المؤسسية التي تمكّن من معالجة أعطابه على المدى الطويل.
ونوّه إلى أن إسرائيل، ورغم استعراضها العسكري المفرط، أخفقت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية الجوهرية، فهي لم تنجح في إحداث تغيير جوهري في بنية النظام الإيراني، ولم تتمكن من القضاء الحاسم على برنامجه النووي أو قدراته الصاروخية، والأسوأ من ذلك، أنها اضطُرت إلى التوقف قبل بلوغ "نقطة الحسم" بفعل ضغوط داخلية متنامية، وإرهاق الجبهة المدنية، وربما بفعل بقايا تعقل في إدارة ترامب، أو لتقديرات مصلحية أميركية تتجاوز الحسابات الإسرائيلية المباشرة، وبذلك، فإن ما جرى يمكن تصنيفه ضمن خانة الإخفاق السياسي وفقًا لأي مقياس موضوعي.
وإذا أُضيف إلى ذلك الفشل السياسي والأمني في التصدي لعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس، فإن مجموع الإخفاقات يطرح إشكالية كبرى حول جدوى بقاء الحكومة الإسرائيلية الحالية، ففي أي دولة ديمقراطية ذات طابع برلماني، تُحتّم هذه النكسات إسقاط الحكومة كاستحقاق سياسي وأخلاقي، وإذا لم يتحقق ذلك في القريب العاجل، فإن بقاء نتنياهو في المشهد السياسي سيكون مؤشرًا صريحًا على اختلال ميزان المساءلة في إسرائيل، وفقًا لما قاله.
ولفت الانتباه إلى أن تعثّر إسرائيل في تحقيق أهدافها، داخليًا وخارجيًا، في ظل تصاعد الانقسام المجتمعي وتآكل ثقة الشارع في مؤسسات الدولة، قد يكون إيذانًا ببداية النهاية لمشروع "الدولة الإسرائيلية" بمفهومها المدني، العلماني، الديمقراطي - بحسب المزاعم الصهيونية ذاتها، لا وفقًا لمعايير الديمقراطية العالمية.