بعد ارتفاع الأسعار.. هل أصبح رمضان شهر تقشّف لدى الأردنيين؟

{title}
أخبار الأردن -

أخبار الأردن

عماد عبد الكريم

جاء شهر رمضان هذا العام في خضم أزمة اقتصادية أرهقت فئات واسعة من الشعب رغم ما تقتضيه طبيعة الشهر الفضيل من اهتمام العائلات على اختلاف مستوياتها بالمائدة الرمضانية وأن تكون مليئة بكل رغباتها.

وتشير آراء الخبراء إلى أن الأسر الأردنية خلال شهر رمضان كانت تسعى سابقاً لتأمين كافة احتياجاتها وبصورة مبالغ بها وتزيد عن الاحتياجات الأساسية نظرا لطبيعة استهلاك الشهر الفضيل الذي يقتضي توفير ما هو ضروري وغير ضروري للاستهلاك.

إلا أن الأزمة التي تمر بها المجتمعات حول العالم بما فيها الأردن، دفعت الكثير من الأسر إلى التقنين والترشيد في الاستهلاك وبصورة مختلفة عما كان يحدث سابقاً.

انتشار البطالة والفقر يغير السلوك الاستهلاكي

من جهته، قال عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة مؤتة الدكتور حسين محادين إن انتشار البطالة والفقر شكل عاملين أساسيين في تقليص السلوك الاستهلاكي لدى الأردنيين.

وأشار محادين في تصريحات خاصة لـ”أخبار الأردن“، إلى أن هذا التقليص أو التقشف الاستهلاكي الذي جاء نتيجة لارتفاع أسعار السلع الأساسية شكل أسلوبا خارجيا في ضبط الاستهلاك وجعل الأردنيين مضطرين لذلك وليس بدوافع شخصية منهم.

وبين أن هذه الظاهرة منتشرة في كافة فئات المجتمع، لا سيما متوسطة الدخل والفقيرة حتى وصل التقشف والتقنين في الاستهلاك إلى التخفيف من الدعوات الرمضانية وإقامة الولائم على أصغر نطاق.

وأضاف محادين أن التفكير في موسم العيد الذي يلي شهر رمضان المبارك يعتبر عاملا مضافا إلى أسباب تقليص الاستهلاك لدى الأسر الأردنية، إذ إن مواسم الأعياد تحتاج إلى مصروفات تضاهي موسم رمضان المبارك.

وأوضح أن علم النفس الاجتماعي يؤكد على نظرية عدم التسوق ونحن جياعا؛ لأن الشخص الجائع حتى لو كان في عبادة كشهر رمضان فإنه يتوق بسلوكه الذي سبق شهر رمضان من حيث تنوع الأطعمة والزمن المفتوح لتناولها، وهذا ما عملت به كثير من الأسر والعائلات.

معدلات الفقر تصل إلى 24% في الأردن

من جانبه، أشار وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة في تصريح صحفي سابق، إلى أن نسبة الفقر في الأردن وصلت إلى نحو 24% بعد الجائحة، وذلك بصورة “مرحلية” وقبل تنفيذ مسح دخل ونفقات الأسرة الذي يتم الاعتماد عليه في استخراج معدلات الفقر، فيما كان البنك الدولي قد أشار إلى أن معدل الفقر الوطني ربما يرتفع بنحو 11 نقطة مئوية بالنسبة للأردنيين، ليصل إلى 27%.

المواد التي لم تُرفع أسعارها لم تشهد عزوفا من الأردنيين

بدوره، أكد نقيب أصحاب المخابز والحلويات عبد الإله الحموي أن شهر رمضان شهر الخير والبركة وتأتي فيه أرزاق العباد ميسرة من الله تعالى وهذا شهر كريم.

وأشار الحموي في تصريحات لـ”أخبار الأردن“، إلى أن الوضع الاقتصادي رغم صعوبته على كثير من العائلات الأردنية إلا أننا نلاحظ الإقبال على المشتريات، خصوصا المواد الخاصة برمضان؛ مثل القطايف وخبز رمضان والحركة عليها طبيعية بغير المواد الأخرى التي شهدت أسعارها ارتفاعا واضحا.

وبين أن شهر رمضان يساهم في خفض الإنتاج على الخبز بنسبة ٥٠٪ بسبب تراجع الاستهلاك وتوجه المواطن الأردني إلى التركيز على مواد غذائية أخرى ولا يكون الإقبال شديدا على مادة الخبز، في حين يتركز الإنتاج على رغيف رمضان والخبز الفرنسي والقطايف التي ساهم الإبقاء على أسعارها عدم عزوف الأردنيين عن شرائها.

ولفت الحموي إلى أن هناك شعورا بتراجع القدرة الشرائية للمواطن بسبب ارتفاع الأسعار في مواد أخرى أساسية وهذا ما انعكس على شراء بعض المواد الأساسية خلال شهر رمضان.

أزمات متوالية أثرت على قدرات المواطن الشرائية

من جهته، قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة، إن أزمة كورونا أضعفت الاقتصاد وأضعفت النمو وأضعفت الدخل الشهري للمواطن والبعض خسر دخله، خصوصا من يعمل بالقطاع الخاص والتي لم نخرج من آثارها للآن.

وأضاف زوانة في تصريحات لـ”أخبار الأردن“، أنه ورغم الانفتاح الاقتصادي إلا أنه لم يكن هناك استقرار بسبب ارتفاع الأسعار من نقل وشحن وصناعة، ما تسبب بزيادة في أسعار كثير من الإنتاج وهو ما شهده العالم كاملا.

وأشار إلى أنه وقبل أن يلتقط العالم أنفاسه اقتصاديا حتى جاءت الأزمة الروسية الأوكرانية، وهو ما عمق الأزمة الاقتصادية وزاد من تأثيرها على المجتمعات، والتي كان من أبرز أثرها شح في توفر المواد الأساسية وارتفاع في الأسعار شمل كافة المجالات، سواء الطاقة أو الأغذية أو الصناعات المختلفة، وجميعها جاءت في ظل هذا الضعف الاقتصادي الذي يعاني منه الأردنيون.

وبين زوانة أنه أمام هذا الواقع والتغيرات في الاقتصادي العالمي، أصبح المواطن الأردني مجبراً على أن يكون أكثر رشدا في الإنفاق وأصبح هناك عوامل تجبره على تغيير النمط الاستهلاكي.

وقال إن تراجع الدخل وعدم رفع الرواتب شكل ضغطا على ميزانية الأسرة الأردنية وتراجعا في توجهها للإنفاق وأجبرها على تخفيض الإنفاق على قدر ما هو متاح لديها من إمكانيات.
وبين زوانة أن التوجهات لتأجيل القروض لشهر نيسان (أبريل) هو تأكيد على تراجع الحالة الاقتصادية وضعف القدرة الشرائية لدى المواطن الأردني ورغبة بالاقتصاد في التوجه نحو الإنفاق الحذر الذي قد يستمر لفترة طويلة.

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير