هجوم إسرائيل مقدمة للهيمنة على المنطقة

{title}
أخبار الأردن -

قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات إن الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران يشكّل نقطة انعطاف حاسمة في معادلة توازن القوى في الشرق الأوسط، إذ يتجاوز كونه مجرد عملية عسكرية محدودة ليصبح بمثابة إعادة رسم شاملة لخارطة التأثير والردع الإقليمي.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ما نشهده اليوم لا يمكن وصفه إلا بأنه نهاية فعلية – إن لم تكن رمزية – لمحور لطالما ادّعى أنه يقف في مواجهة "المشروع الصهيوني"، ويمثل خط الدفاع الأول في وجه تمدده، مضيفًا أن إسرائيل، من خلال هذه الضربة، تعمل على ترسيخ نفسها كقوة هيمنة مطلقة لا ينازعها أحد في المجالين الإقليمي والدولي.

ومنذ بدايات السلوك الهجومي المنظّم لإسرائيل ضد "محور المقاومة"، كان واضحًا أن الاستراتيجية المعلنة تقوم على تجزئة المواجهة، من خلال تقليم الأذرع الإقليمية – حزب الله، الحشد الشعبي، الحوثيين، وغيرها – تمهيدًا للوصول إلى الرأس، طهران، واليوم، يبدو أننا وصلنا إلى تلك المرحلة الحاسمة التي كان يُعتقد أنها خط أحمر غير قابل للاختراق، فما حدث في العمق الإيراني من ضربات دقيقة ضد منشآت عسكرية واغتيالات لقيادات عليا، يكشف هشاشة البنية الاستخبارية والأمنية الإيرانية من الداخل، ويطرح أسئلة ملحة حول قدرة النظام على حماية رموزه، وفقًا لما صرّح به الحوارات لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وذكر أن هذا الهجوم لم يكن مفاجئًا من حيث المبدأ، وإنما من حيث التوقيت والأسلوب، خصوصًا أنه جاء بينما كانت طهران تراهن على استمرار قنوات التفاوض، وعلى ما اعتبرته "تطمينات أمريكية" بعدم التصعيد العسكري المباشر، غير أن الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة، فمن يحدد توقيت الصراع وشكله، ليست طهران، بل تل أبيب، والأخيرة، بهذا المعنى، لا تكتفي بضربات نوعية، بقدر ما تعيد تشكيل مفهوم الردع، وتحوله من معادلة توازن نسبي إلى هيمنة مطلقة.

واستطرد الحوارات قائلًا إن خيارات إيران في الرد تبدو محدودة وشبه مشلولة، فهي من جهة، تواجه تصعيدًا عسكريًا مباشرًا وممنهجًا، ومن جهة أخرى، تجد نفسها محاصرة بضغط سياسي دولي من خلال مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحت تهديد تفعيل "آلية الزناد" وعودة العقوبات الدولية، مع ما يضاف إلى ذلك المهلة الزمنية المحددة بـ60 يومًا من قبل إدارة ترامب، والتي تحشر طهران في زاوية سياسية وديبلوماسية حرجة.

ونوّه إلى أن الأخطر من ذلك، يظهر في أن الهجوم ضرب عمق الإحساس الإيراني، وفجّرت شعورًا داخليًا بالإهانة، ما قد يفتح الباب أمام انفجارات اجتماعية يصعب السيطرة عليها، ومع تآكل مشروعية النظام داخليًا، يصبح الرد العسكري المقيد والمحدود، الذي قد يقتصر على إطلاق صواريخ أو مسيرات – إن توفرت بعد الضربات الأخيرة – غير كافٍ لاستعادة صورة الردع، بل يكرّس صورة الضعف والانكشاف.

واختتم الحوارات حديثه بالإشارة إلى أن إسرائيل – من خلال هذا التصعيد تصوغ واقعًا جيوسياسيًا جديدًا، قد يكون مقدمة لسقوط سرديات كاملة عن محور الممانعة، وقد يؤدي إلى اهتزازات داخلية تُهدد استقرار النظام الإيراني ذاته، وفي المقابل، فإن طهران اليوم تقف عند مفترق طرق حرج، وأي رد غير مدروس قد يفتح باب الحرب المفتوحة، ويدفع الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري المباشر، وهو ما تحذر منه القيادة الإيرانية وتخشاه بشدة، لذلك، سيكون رد إيران – إن حدث – محكومًا بعاملين متلازمين هما تطورات الداخل الإيراني، وضرورة عدم إعطاء ذريعة لتوسيع الحرب إلى مستويات لا تستطيع تحملها.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية