التحولات الإقليمية في قطاع الطاقة... جرس إنذار للأردن أم فرصة ضائعة؟

قال المحلل والخبير الاقتصادي عامر الشوبكي إن سوريا تتهيأ للدخول في مرحلة جديدة من إعادة تأهيل بنيتها التحتية الطاقية، عبر حزمة استثمارات تتجاوز قيمتها 7 مليارات دولار، موجهة لإعادة تنشيط قطاع الكهرباء ورفع قدرته الإنتاجية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الاستثمارات تتضمن مشاريع استراتيجية من شأنها أن ترفد الشبكة الكهربائية السورية بطاقة إضافية تُقدّر بـ5 جيجاواط (5000 ميجاواط)، بالإضافة إلى تبني مشاريع واسعة النطاق في مجالات الطاقة الشمسية وتكنولوجيا تخزين الكهرباء، ما من شأنه تمكين الأفراد والقطاعات الإنتاجية والخاصة من إنتاج الكهرباء بشكل مستقل، وبالتالي تقليل الاعتماد على الدولة في هذا القطاع الحيوي، ورفع كفاءة الاستهلاك المحلي للطاقة.
وبيّن الشوبكي أن جزءًا من المساعدات الدولية، ولا سيما من البنك الدولي، سيوجَّه إلى تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، وتثبيت استقرار المنظومة الكهربائية السورية، في ظل التحولات السياسية الجارية، والتي تمهد لدور إقليمي جديد لسوريا في سوق الطاقة.
أما بالنسبة للأردن، فإن هذه المتغيرات تمثّل جرس إنذار ينبغي التعامل معه بجدية وواقعية، إذ إن الحكومة الأردنية كانت قد راهنت، في وقت سابق، على تصدير الكهرباء إلى دول الجوار، وخصوصًا سوريا ولبنان، بوصفه أحد المسارات الاستراتيجية لزيادة الإيرادات وتخفيف عبء ديون شركة الكهرباء الوطنية، التي تتكبد خسائر سنوية تفوق نصف مليار دينار، وديونًا تراكمية تجاوزت 6 مليارات، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ونوّه الشوبكي إلى أن معادلة التصدير هذه باتت مهددة، خاصة في ظل التحول السوري نحو الاكتفاء الذاتي الطاقي، بما في ذلك الاستعداد لاحقًا لتصدير الفائض إلى دول مثل العراق ولبنان، ما قد يضع الأردن أمام منافسة إقليمية لم يكن يضعها بالحسبان، الأمر الذي يفرض إعادة النظر جذريًا في الاستراتيجية الوطنية لتسويق الفوائض الكهربائية، واستشراف بدائل أكثر استدامة.
وفيما يتعلق بلبنان، فإن الوضع أكثر تعقيدًا؛ رغم ضخ استثمارات ضخمة، لا يزال البلد يعاني من اختلالات بنيوية ناجمة عن تعقيدات سياسية داخلية، وانتشار الفساد، والتدخلات الإقليمية، ما جعله غير قادر على تلبية أكثر من ربع حاجته من الكهرباء، كما قال.
أما العراق، فرغم إنفاقه أكثر من 200 مليار دولار على قطاع الكهرباء، إلا أنه لا يزال عاجزًا عن تغطية أكثر من نصف حاجاته، ويشهد انقطاعات كهربائية مزمنة، خصوصًا في فصل الصيف، وهذا الواقع الكارثي، في بلد نفطي يعد من الأوائل عالميًا في احتياطيات الغاز والنفط، يكشف عن حجم الترهل الإداري والتأثير المدمر للمحاصصة والفساد والتدخلات الإقليمية.
إننا، إذ نستعرض هذه اللوحة المعقدة، فإن ما يلوح في الأفق هو تموضع سوريا كمنافس إقليمي فعلي في سوق الطاقة خلال السنوات القليلة القادمة، في الوقت الذي تواصل فيه دول الجوار – ومنها الأردن – الدوران في حلقة مفرغة من الأزمات الهيكلية ما لم تُتخذ قرارات إصلاحية شجاعة على المستوى المؤسسي، وتُباشر عمليات تجفيف منابع الفساد بشكل جدي.
وطرّح الشوبكي تساؤلًا على صانعي القرار والرأي العام الأردني حول ما إذا كنا مستعدين فعليًا، وضمن رؤية استراتيجية شاملة، للتعامل مع هذه التحولات الإقليمية المتسارعة... أم أننا سنواصل الاكتفاء بردود الفعل، ونظل نراوح في المكان ذاته بينما تتغير قواعد اللعبة من حولنا؟.