تفويض رسميّ بإبادة غزة عن بكرة أبيها... الماضي يوضح لـ"أخبار الأردن"
قال أستاذ علم الاجتماع السياسيّ الدكتور بدر الماضي إن آلة القتل الإسرائيلية تواصل ممارساتها الوحشية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، مستفيدة من غياب توازن الردع الإقليمي، ومن مظلة الحماية التي توفرها القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الرعاية السياسية والدبلوماسية تمثل في جوهرها تفويضًا مفتوحًا للحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة، بقيادة بنيامين نتنياهو، للمضي قدمًا في سياسات الإبادة المنظمة والتطهير المنهجي، دون أدنى مساءلة قانونية أو محاسبة دولية.
وبيّن الماضي أنه يمكن فهم عمليات القصف الممنهج والاستهداف اليومي للمدنيين، جزءًا من مشروع استراتيجي مزدوج الأبعاد، الأول، يتجلى في محاولات تفريغ فكرة المقاومة من مضمونها، عبر تكريس مشهد دموي متكرر يسعى إلى تحطيم الإرادة الشعبية، وزرع الخوف واليأس في نفوس الأجيال الفلسطينية الصاعدة، فيما يتمثل الثاني في إنهاء دور التيارات السياسية الإسلامية في فلسطين، باعتبارها الفاعل الأبرز في مشهد المقاومة المعاصرة، بعد أن تم تحييد التيارات القومية والليبرالية بفعل سلسلة طويلة من التهميش والإقصاء السياسي.
ونوّه إلى أن ما يجري اليوم يعد جزءًا من إعادة هندسة الوعي الفلسطيني، وإعادة رسم خارطة القوى الفاعلة في الأرض المحتلة، وفقًا لرؤية أمنية إسرائيلية تسعى إلى القضاء على أي تهديد محتمل لمشروعها الاستيطاني التوسعي، سواء أكان هذا التهديد عسكريًا أم أيديولوجيًا.
ولفت الماضي الانتباه إلى أن حالة الصمت أو الخفوت في الموقف العربي والإقليمي تُشكّل عاملًا محفزًا لهذا التغول الإسرائيلي، حيث تفتقد المنطقة اليوم لأي منظومة إقليمية فاعلة قادرة على كبح جماح هذا الانفلات العسكري أو تشكيل جبهة ضغط سياسية ذات وزن، أما دوليًا، فإن غياب إرادة حقيقية لدى المجتمع الدولي في توصيف ما يجري كجرائم مكتملة الأركان وفق القانون الدولي، يُفسر جزئيًا لماذا تظل إسرائيل فوق المساءلة.
أما المبادرات السياسية، مثل تلك التي يُحكى عن بلورتها من قبل أطراف أمريكية أو غربية، فإنها -في جوهرها- لا تسعى لوقف العدوان بقدر ما تهدف لإعادة إنتاج السيطرة الإسرائيلية ضمن ترتيبات تضمن أمن تل أبيب وتفوقها الاستراتيجي، ليس فقط على الساحة الفلسطينية، بل في الإقليم بأسره، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
واستطرد الماضي قائلًا إن ما نشهده اليوم هو محاولة إسرائيلية ممنهجة لإعادة صياغة المشهد الفلسطيني برمّته، مستندة إلى تفويض دولي وصمت إقليمي، مستهدفة رأس المشروع المقاوم، ومصممة على إبقاء قطاع غزة رهينة لحصار دائم، أو دفعه نحو تفكيك ديمغرافي ممنهج، تحت مسمى الحلول الإنسانية المؤقتة، التي تخفي وراءها مشروعًا استيطانيًا طويل الأمد.

