ما الذي نقيمه في اختبارات المدارس... عقول الطلبة أم تقصير السياسيات؟

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير التربوي والاجتماعي الدكتور ذوقان عبيدات إن تحديد الفئات المستهدفة من الاختبارات المدرسية يستوجب مقاربة منهجية دقيقة، تأخذ في الاعتبار الغايات المأمولة من كل نوع من أنواع التقييم، والقرارات المترتبة عليه، ومستوى التحليل المطلوب. 

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن التمييز بين الاختبارات التشخيصية والاختبارات التحصيلية المعيارية ليس ترفًا مفاهيميًا، بقدر ما هو ضرورة استراتيجية تمليها طبيعة الأهداف المرجوة.

وبيّن عبيدات أن الاختبارات الوطنية الشاملة، كالتي تُعقد في الصفين الثامن والعاشر، إضافة إلى امتحان الثانوية العامة (التوجيهي)، تعد أدوات قياس معيارية يُبنى عليها اتخاذ قرارات مصيرية متعلقة بمسار الطالب الأكاديمي أو المهني، وعليه، فإن هذه الاختبارات يجب أن تشمل جميع الطلبة، دون استثناء، لضمان العدالة الإجرائية، وتحقيق الموثوقية الإحصائية، والتمكين من اتخاذ قرارات فردية دقيقة تستند إلى معطيات صلبة.

أما في السياق المقابل، فإن الاختبارات التشخيصية، كما هو الحال في الصفوف الأساسية المبكرة (الثالث، الرابع، أو السادس)، تُصمم أساسًا لتقديم صورة إجمالية عن واقع التحصيل والفجوات التعليمية على مستوى النظام وليس الفرد، وفي هذا الإطار، فإن إجراء هذه الاختبارات على عينة ممثلة وعشوائية الطبقات من الطلبة يعد أكثر كفاءة وفعالية، شريطة أن تكون هذه العينة قد خضعت لضوابط التمثيل الإحصائي من حيث الجنس، والمنطقة، والخلفية الاجتماعية - الاقتصادية، ونوع المدرسة، وغيرها من المتغيرات المؤثرة، وفقًا لما صرّح به عبيدات لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وأردف أن ذلك لا يعني التقليل من شأن البيانات المتحصلة من تقييم جميع الطلبة، إذ يُنظر إليه كخيار غير عملي من ناحية الكلفة والجهد والزمن، وغير مبرَّر من الناحية الإحصائية إذا كانت العينة الممثلة كافية لتحقيق أهداف التحسين النظامي، ذلك أن إجراء اختبارات شاملة لجميع طلبة الصفوف الأساسية قد يُنتج فائضًا من البيانات التي لا تُوظف لاحقًا، مما يشكل هدرًا تربويًا واستنزافًا إداريًا دون إضافة نوعية.

ونوّه عبيدات إلى أن الفارق الجوهري بين النوعين يكمن في أن الاختبارات ذات الطابع الفردي – أي تلك التي يُبنى عليها قرارات تخص الطالب ذاته – تستوجب بالضرورة تقييم كل فرد على حدة، فيما يمكن الاكتفاء بعينة مدروسة عندما يكون الهدف تشخيصًا عامًا يخص النظام التربوي ككل، كما في تصميم السياسات، أو تقييم فاعلية المناهج، أو تحليل أثر أساليب التدريس.
وتابع أن توجيه الوعي المجتمعي نحو هذا التمييز يُعد من ضرورات الشفافية التربوية، فالرأي العام كثيرًا ما يُساء توجيهه حين يُطلب اختبار شامل من غير ضرورة وظيفية لذلك، وهنا تتجلى مسؤولية مؤسسات التقييم التربوي في بناء فهم اجتماعي عميق لوظيفة الاختبار وجدواه، بما يضمن ترشيد القرارات وتجويد العمليات التعليمية على أسس علمية لا ارتجالية.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير