المغاربة لـ"أخبار الأردن": بعض النخب عبء على المشروع الوطني الفلسطيني

قال الخبير العسكري محمد المغاربة إنه لم يعد خافيًا أن الصراع العربي والإقليمي مع الكيان الصهيوني قد دخل مرحلة مفصلية تتجاوز، بمراحل، الأطر الضيقة التي ما زالت بعض الفصائل الفلسطينية تصرّ على إعادة إنتاجها، رغم افتقارها للقدرة على مجاراة التحولات التي طرأت على طبيعة المواجهة، وسياقاتها الجيوسياسية المعقدة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه في حين يتّسع نطاق الاشتباك ليطال فضاءات استراتيجية جديدة، ويُعاد تشكيل موازين القوى في ضوء تفاعلات إقليمية ودولية متسارعة، لا تزال بعض النخب الفصائلية أسيرة خطاب تقليدي، يستند إلى شرعيات تنظيمية متهالكة، ويُحاول فرض مقارباته المنغلقة على بيئات عربية لم تعد تقبل ذلك المستوى من الانكفاء الذاتي.
وبيّن المغاربة أن الإصرار على إبقاء النضال الفلسطيني مرتهنًا لرؤى فصائلية جزئية، ومقيدات أيديولوجية تفتقر للمرونة، لا يشكّل فقط عائقًا أمام إعادة بعث المشروع الوطني الفلسطيني، وإنما يُكرّس واقعًا من الانقسام والتشظي، يضعف القدرة على الفعل الجماعي، ويشوّه صورة القضية في وعي الشعوب التي لطالما اعتبرتها قضيتها المركزية، فالزمن لم يعد يتسع لمحاولات الاستثمار في الانقسام، ولا يسمح بالمراهنة على استعادة النفوذ التنظيمي عبر بوابة الشعارات الموروثة عن مرحلة لم تعد أدواتها صالحة للاستخدام.
وفي ظل التبدلات المتلاحقة في أولويات الإقليم، والاصطفافات المستجدة التي تفرضها ضرورات الأمن القومي والمصالح العليا للدول، فإن مقاربة الصراع مع الاحتلال باتت تقتضي قراءة جديدة، تستند إلى مفهوم شامل للنضال، يدمج بين السياسي والميداني، بين الدبلوماسي والمجتمعي، ويعيد تموضع القضية الفلسطينية ضمن الفضاء العربي بوصفها عنوانًا للكرامة والسيادة ورفض الهيمنة، لا بوصفها أداة للتجاذب الفصائلي أو التوظيف الآني، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وأشار المغاربة إلى أن مسؤولية الفلسطينيين – قيادةً ونخبًا وقوى فاعلة – تقتضي الانتقال الجاد من الفصائلية المأزومة إلى رحاب مشروع وطني جامع، يتجاوز الاعتبارات التنظيمية الضيقة، ويستجيب لنداء المرحلة بكل ما تفرضه من تعقيد وتشابك، مشروع يعيد الاعتبار لخطاب الوحدة، ويؤسّس لمنظومة سياسية حديثة، قادرة على استنهاض طاقات الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، والتفاعل الخلّاق مع المحيط العربي والدولي.
وذكر أنه آن الأوان لتغليب منطق الرؤية الكلية على حساب النظرات المجتزأة، والارتقاء من دوائر الاصطفاف الحزبي إلى فضاء التمثيل الوطني الحقيقي، فالفصائلية، في صورتها الحالية، لم تعد قادرة على حمل أعباء التحرير، كما أنها في كثير من السياقات، عبئًا على القضية ذاتها، وعائقًا أمام انخراط الشعوب العربية والإسلامية في معركة المصير المشترك.
وأردف المغاربة أن التاريخ لا ينتظر، ومن لا يُجدد أدواته في الوقت المناسب، يخسر اللحظة ويضيع المستقبل.