القلق يحيط بالأردنيين داخليا وخارجيا

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الكاتب والناشط السياسيّ الدكتور أحمد أبو غنيمة، إن المزاج العام في الأردن يشهد تصاعدًا لافتًا في منسوب القلق الشعبي، والذي لم يعد مقتصرًا على المسائل المعيشية والاقتصادية المعتادة، إذ إنه تعداها إلى الشعور بتهديدات أعمق تمس تماسك الدولة واستقرارها داخليًا، وتهدد حضورها ومكانتها إقليميًا.

وأوضح أبو غنيمة، في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن المواطن الأردني يرزح تحت وطأة حالة من الشدّ والجذب المجتمعي، تفجّرت في الأسابيع الأخيرة على خلفية أحداث متسارعة، كان بالإمكان احتواؤها والتعامل معها برويّة واتزان، كما اعتادت الدولة الأردنية على مدار عقود طويلة من الحوكمة الحكيمة والإدارة العاقلة.

وبيّن أبو غنيمة أن ما حدث فعليًا كان على النقيض تمامًا؛ إذ بدت مؤسسات الدولة – سواء التنفيذية أو الإعلامية أو البرلمانية – أقرب إلى ردود الفعل الانفعالية المتسرعة، منها إلى التقييم العقلاني المدروس، مضيفًا أن ذلك تسبب بإبراز خطاب الاستفزاز والاصطفاف على حساب خطاب الاحتواء والحكمة، ما ولّد حالة من التوتر المجتمعي والإرباك الوطني، وفتح الباب واسعًا أمام التأويلات والتوجسات، بل وأعاد إنتاج خطوط الشقاق داخل البنية الوطنية.

أما خارجيًا، أشار إلى أن القلق يتخذ طابعًا وجوديًا أكثر خطورة، حيث يشعر الأردنيون بأنّ وطنهم بات مستهدفًا بصورة غير مسبوقة، وأنّ الصمت الرسمي حيال التحديات الإقليمية المتفاقمة – لا سيما التصريحات العدائية المتكررة من قادة الكيان الصهيوني – لا يعكس الجدية المطلوبة في التصدي لأطماع معلنة، تهدد الجغرافيا الأردنية والكيانية الوطنية في آنٍ معًا.

فحين يُذكر الأردن صراحةً في خطابات قادة الاحتلال كمجال للتمدد وكساحة مفتوحة أمام مشاريعهم، دون ردّ حازم أو استراتيجية وطنية واضحة المعالم، فإن ذلك يخلق فراغًا سياسيًا قاتلًا، يتسرب من خلاله الإحباط ويُضاعف منسوب القلق العام، وفقًا لما صرّح به أبو غنيمة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

ولفت الانتباه إلى أنّ هذا التنامي في القلق – بشقيه الداخلي والخارجي – يتطلب من الدولة الأردنية موقفًا وطنيًا شجاعًا يُعيد ضبط إيقاع العلاقة بين الدولة والشعب، على أسس من الصراحة والمسؤولية والمشاركة، مضيفًا أن المطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هو إطلاق حوار وطني شامل، تحت مظلة ورعاية جلالة الملك، يجمع مختلف مكونات الطيف الوطني الأردني، من قوى سياسية ونقابية، إلى أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني، بهدف بلورة توافقات وطنية راسخة تشكل أساسًا لصياغة استراتيجية واضحة لمواجهة التحديات، واستعادة ثقة المواطن بدولته، وتحصين الجبهة الداخلية، وإعادة تعريف دور الأردن الإقليمي بما ينسجم مع تطلعات شعبه، وثوابته الوطنية.

ونوّه إلى أنه لا يمكن مواجهة التحديات الكبرى، إلا بشراكة حقيقية تضع المواطن الأردني في قلب صناعة القرار، لا على هامشه؛ شراكة تضمن صون الدولة من الداخل، وتعزيز مكانتها في الخارج، وتجعل من العلم الأردني – الذي نحتفل به هذه الأيام – أكثر من مجرد راية تُرفرف، بل راية يتفيأ بها الجميع في ظلال الأمن، والثقة، والمشاركة الحقيقية في رسم مستقبل الوطن.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير