قانون جبائي يرهق المواطن وأعباء تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير الاقتصادي محمد البشير إن القانون الجديد المتعلق بضريبة الأبنية والأراضي جاء ليشكّل قفزة جبائية غير مسبوقة، لا من حيث الحجم ولا من حيث التوقيت.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أنه – ووفقًا - لما نُشر، يُفرض على العقارات السكنية التي يشغلها مالكوها ضريبة سنوية بنسبة 1% من القيمة التقديرية، ما يعني عمليًا أن شقة تساوي 100,000 دينار ستُرهق سنويًا بضريبة مقدارها 1,000 دينار، أما العقارات غير السكنية – كالمحال التجارية والمولات – فقد فُرضت عليها ضريبة بنسبة 3%، أي ما يعادل 3,000 دينار سنويًا على عقار بنفس القيمة، وهذا، في جوهره، لا يُعدّ إلا قفزًا فوق المنطق الاقتصادي الذي يفترض تصاعدية الضرائب وعدالتها النسبية، ليحلّ محله منطق الجباية المُطلقة.

ونوّه البشير إلى أن الأخطر من ذلك، هو عدم استثناء القانون حتى للأراضي غير المبنية، إذ يُفرض عليها رسم بنسبة 2 بالألف، تزداد كلما تجاوزت المساحة عتبة الألف متر، في خطوة تفتقر – في جوهرها – إلى أي تبرير اقتصادي عقلاني، خاصة وأنّ هذه الأراضي لا تولّد دخلًا فعليًا لصاحبها، مضيفًا أن هذا إعادة تعريف لمفهوم "الملكية" بما يشبه الإيجار الدائم لصالح الدولة.

وبينّ أنه عند مقارنة هذا القانون بالتشريع السابق، الذي كان قائمًا على التقدير العقاري الدوري وبنسب أقلّ بكثير، فإننا بصدد انقلاب تشريعي على منظومة مالية كانت، رغم محدوديتها، تحظى بقبول نسبي لدى المواطنين، ذلك أن القفزة النوعية في القيمة المفروضة على الملكيات الخاصة ستؤدي حُكمًا إلى تقليص القدرة الشرائية للأسر، وتآكل الدخل المتاح، ما سينعكس سلبًا على معدلات الاستهلاك، وهو بدوره سيصيب مفاصل الاقتصاد الوطني بالركود، ويضعف ديناميكية السوق الداخلي.

وأشار البشير إلى أن هذا التوجه التشريعي يُفاقم حالة الاحتقان الشعبي، ويُكرّس منسوب انعدام الثقة بين المواطن والدولة، لا سيما في ظل غياب تفسيرات واضحة أو سرديات اقتصادية مقنعة تبرّر هذا التصعيد الضريبي، كما أن غياب أي أثر ملموس للإيرادات الضريبية على جودة الخدمات العامة يدفع إلى التساؤل المشروع، مرتبط بإلى أين تذهب هذه الجبايات؟... وهل هناك عدالة في توزيع العبء الضريبي بين فئات المجتمع المختلفة؟.

وذكر أن هذا القانون من ناحية السياسات العقارية، يقوّض بشكل مباشر الأثر التحفيزي الذي سعت إليه الحكومة في السنوات الأخيرة، حين خفّضت رسوم بيع وشراء العقارات والأراضي لتنشّط القطاع العقاري الراكد، مضيفًا أن ما تُعطيه الدولة بيد، تسلبه – وبقسوة – باليد الأخرى، ما يدل على تناقض صارخ في الرؤية الاقتصادية الكلية.

واستطرد البشير قائلًا إن تشريعات بهذا الحجم وبهذه الحساسية لا ينبغي أن تُسنّ بمعزل عن الحوار المجتمعي الموسّع، ولا يمكن تمريرها دون تقييمٍ شاملٍ للأثر الاقتصادي والاجتماعي، فالمسألة لم تعد مقتصرة على أرقام تُدرج في ميزانية الدولة، بقدر ما هي مساس مباشر بحق المواطن في السكن، وفي امتلاك ما يُعدّ في منظومة القيم المجتمعية "أمانًا معيشيًا واستقرارًا نفسيًا".

ودعا إلى إعادة النظر في الآليات، والتوقيت، والنسب، ومراعاة العدالة الاجتماعية، وتكريس مبدأ تصاعدية الضريبة، لا جبايتها الموحدة التي لا تفرّق بين مالك محدود الدخل وآخر ثري.

وتابع البشير أن الحكمة تقتضي في هذا التوقيت الصعب ألّا يكون المواطن هو الحلقة الأضعف دائمًا، وأن يُعاد تموضع السياسة المالية في الأردن لتكون أداة للنموّ لا وسيلة للجباية، وجسرًا للثقة لا سببًا في تصدّعها.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير