حادثة ماعين تنذر بسيناريوهات محبطة بشأن قدرات الحوثيين

{title}
أخبار الأردن -

قال الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور عمر الرداد إنه لم يعد سقوط أو إسقاط طائرات مسيّرة يُعتقد أنها أُطلقت من قبل الحوثيين في الأجواء الأردنية أمرًا مستجدًا أو استثنائيًا في السياق الإقليمي المضطرب، فقد بات جزءًا من نمط متكرر يُعكس طبيعة السيولة الأمنية التي تضرب المجال الجوي لبلدان الطوق، في ظل توسع رقعة الاشتباك غير المباشر بين إيران ووكلائها من جهة، والمنظومة الغربية – الإسرائيلية من جهة أخرى.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الأردن، الذي لطالما شكّل موقعًا جيوسياسيًا حرجًا في التوازنات الإقليمية، شهد على مدار السنوات الماضية حوادث متعددة لسقوط أو إسقاط صواريخ ومسيرات تابعة لفصائل محسوبة على طهران، سواء أُطلقت من داخل الأراضي العراقية بواسطة أذرع "الحشد الشعبي"، أو من الأراضي السورية واللبنانية عبر مليشيات إيرانية أو عناصر تابعة لحزب الله، لاسيّما في الحقبة التي سبقت إعادة تثبيت نظام الأسد تحت المظلة الروسية.

وبيّن الرداد أن حادثة سقوط مسيّرة في منطقة ماعين لا تُقرأ بوصفها استهدافًا مباشرًا للأراضي الأردنية، بقدر ما تُفهم باعتبارها نتيجة لانحراف في المسار الجوي، ضمن محاولة استهداف لمدن أو مواقع عسكرية إسرائيلية داخل ما يُعرف بالخط الأخضر، فالموقع الجغرافي لسقوط المسيّرة لا يشير إلى وجود هدف استراتيجي داخل الأردن، وإنما يعكس احتمالًا تقنيًا عاليًا بخطأ في التوجيه أو التشويش على المسار.

غير أن الأهمية التحليلية لهذه الحادثة تتعاظم حين يُنظر إليها ضمن سياقين استراتيجيين متوازيين، أولًا، أنها تُبرز مؤشرات ملموسة على تراجع القدرات العملياتية للحوثيين في مجال الطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية، وذلك في أعقاب سلسلة الضربات الأميركية المركّزة التي استهدفت مواقعهم ومنشآتهم وخبراتهم خلال الأسابيع الأخيرة، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، مضيفًا أن هذا الاستنتاج يعزز ما تردد من تقارير استخباراتية حول انسحاب خبراء ومستشارين تابعين للحرس الثوري الإيراني من مناطق نفوذ الحوثي، فضلًا عن حادثة سقوط صاروخ بالستي داخل الأراضي اليمنية مؤخرًا، كان من المفترض توجيهه نحو أهداف إسرائيلية، ما يشير إلى خلل واضح في القدرة التشغيلية للجماعة.

واستطرد الرداد قائلًا إن تكرار هذه الأخطاء التقنية – سواء من حيث المسار أو الفعالية – ينذر بامتداد الخطر إلى دول الإقليم المطلة على البحر الأحمر، وعلى وجه التحديد شمال المملكة العربية السعودية وسيناء المصرية، إذ إن انحراف أي مسار أو فشل في التوجيه الدقيق قد يُفضي إلى استهداف عرضي لأهداف مدنية أو عسكرية في أراضٍ لا علاقة مباشرة لها بحرب غزة، ما يُحوّل الصراع إلى خطر إقليمي متدحرج.

ونوّه إلى أن استمرار هذه الحوادث – حتى لو بدت معزولة ومتناثرة – من شأنه أن يُضاعف الدعوات الدولية لإيجاد حل عاجل للحرب الدائرة في قطاع غزة، بوصفها نقطة الارتكاز التي تبرّر سلوكًا عسكريًا عابرًا للحدود، وتُطلق العنان لفاعلين من خارج الجغرافيا الفلسطينية للعب أدوار مقلقة في عمق الإقليم.

وتابع أنه مع استمرار العمليات الإسرائيلية في غزة، وتصاعد الضغط على إيران في أكثر من جبهة، فإنه من المرجّح أن تتواصل الهجمات الحوثية – أو ما تبقى منها – لكن بوتيرة أكثر اضطرابًا، وبدقة تشغيلية أقل، نتيجة النقص الحاد في الكوادر الهندسية والتقنية، سواء بسبب انسحاب الدعم الإيراني المباشر، أو بفعل مقتل عدد من الخبراء في الاستهدافات الأميركية الأخيرة.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير