تحرّك أميركي لاصطياد القيادات الحوثية وإيران توسع رقعة المواجهة عبر العراق

{title}
أخبار الأردن -

حذّر مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية، الأستاذ الدكتور نبيل العتوم، من أن المنطقة تقف على أعتاب تحوّل استراتيجي مركّب يعيد تعريف تموضع القوى الفاعلة في الإقليم، ويدفع المشهد برمّته نحو لحظة انعطاف حرجة قد تكون حاسمة في تشكيل معادلات النفوذ الإقليمي والدولي.

وأوضح في تصريح خاص لـ"أخبار الأردن" الإلكترونية، أن الولايات المتحدة تُجري حاليًا تحضيرات ميدانية دقيقة عبر وحدات من قواتها الخاصة لتنفيذ عملية نوعية عالية الحساسية، تهدف إلى اصطياد قيادات حوثية رفيعة المستوى، بوصفها خطوة تمهيدية لانطلاق عملية برية واسعة النطاق تُنفّذ بتنسيق مباشر مع قوات الشرعية اليمنية، في إطار ما يمكن تسميته بـ"إعادة تعيين معالم السيطرة الجغرافية في الشمال اليمني".

وبيّن العتوم أن هذه التحركات تعكس تحولًا مفصليًا في نمط التدخل الأميركي، إذ انتقلت واشنطن من مرحلة الدعم غير المباشر إلى الانخراط العملياتي الميداني، فيما يمكن اعتباره محاولة لاستعادة زمام المبادرة بعد سلسلة من التراجعات التكتيكية في ملفات إقليمية متراكبة، وعلى رأسها الملف الإيراني ومساحات الفراغ الناشئة في المشرق العربي.

وأضاف أن هذا التصعيد الميداني الأميركي يحمل في طياته إشارات متعددة الأبعاد، فمن جهة، يعد بمثابة رسالة ضغط استراتيجية موجهة إلى إيران، مفادها أن سياسة ضبط النفس قد بلغت حدودها القصوى، ومن جهة أخرى، يُعد تحركًا استباقيًا لتطويق التمدد الإيراني عبر وكلائه الحوثيين، خصوصًا في ضوء تسارع عمليات تسليحهم، وارتفاع مستوى التنسيق العملياتي بينهم وبين فيلق القدس.

وذكر العتوم أن هناك تحركات مضادة للحرس الثوري الإيراني تمثّلت في نقل منظومات صاروخية متطورة إلى الجماعات المسلحة الحليفة لطهران في العراق، وهي خطوة تحمل في ظاهرها طابع الردع التكتيكي، لكنها، في عمقها، تمثل مناورة مساومة خشنة تهدف إلى تذكير واشنطن بأن طهران لا تزال تمسك بخيوط كثيرة في الميدان الإقليمي، وأنها جاهزة للدخول في مواجهة غير متناظرة، تُدار عبر الوكلاء، وتُحسم عبر استنزاف الخصم لا مواجهته وجهًا لوجه.

ورأى العتوم أن هذه الخطوة لا يمكن قراءتها خارج السياق العام لمعادلة التفاوض والاشتباك غير المعلن بين طهران وواشنطن، خصوصًا في ظل ضغوط داخلية تمارس على النظام الإيراني لإظهار ما يُثبت جاهزيته القتالية وقدرته على المناورة الإقليمية حتى في أقسى الظروف الجيوسياسية، مضيفًا أن هذه الخطوة تتقاطع مع تصعيدات بحرية موازية، أبرزها ما يجري في باب المندب ومضيق هرمز، لتشكّل في مجموعها رسالة ضغط مركّبة تُبقي كل الخيارات مفتوحة.

وحذّر الدكتور العتوم من أن مجمل هذه المؤشرات تُنذر بانزلاق المنطقة إلى حالة من الصدام المركّب، الذي تتداخل فيه الأبعاد الأمنية بالتكتيكات الجيوسياسية، وتغيب فيه الحسابات العقلانية لصالح منطق المغالبة والاستعراض الاستراتيجي، في ظل غياب إطار إقليمي قادر على امتصاص التوتر أو تأطيره ضمن سقف تفاوضي مستدام.

وتساءل ما إذا كانت المنطقة تتجه نحو انفجار محسوب يعيد رسم خارطة القوة والنفوذ وفق توازنات جديدة أم أننا أمام ولادة تدريجية لـ«صفقة ظل» تُطبخ على نار باردة خلف الكواليس، بانتظار اللحظة الإقليمية المناسبة للإعلان عنها بوصفها مخرجًا للأزمة وبديلًا عن الانفجار؟.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية