حان وقت الاستيقاظ... الشرق الأوسط سيتغير بأكمله

{title}
أخبار الأردن -

قال الأستاذ المشارك والباحث المتخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية الدكتور علي النظامي إن الشرق الأوسط يمر بتحولات جيوسياسية كبرى ستغير ملامحه إلى الأبد.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن أي محاولة لإنكار ذلك ليست سوى إغراق في الوهم أو تهرب من مواجهة الواقع، فمن يظن أن الخرائط الحالية ثابتة وغير قابلة لإعادة الرسم، عليه أن يراجع نفسه ويخرج من غفلته، لأن ما يجري اليوم ليس وليد اللحظة، وإنما امتداد لمخططات قديمة تعود إلى ما قبل سايكس بيكو وسان ريمو، بل ربما أبعد من ذلك، إلى اللحظات الأولى التي رُسمت فيها حدود النفوذ بين القوى العظمى المتصارعة على المنطقة.

وبيّن النظامي أن مشروع إعادة تشكيل الشرق الأوسط لم يكن مجرد فكرة حديثة، ولم يكن مرهونًا بولادة شخصيات مثل نتنياهو أو ترامب، ذلك أنه مسار استراتيجي تم التحضير له منذ عقود، بل ربما منذ قرون، عبر تعهدات واتفاقيات غير معلنة بين القوى الكبرى والنخب المحلية، لضمان تنفيذ رؤية تتجاوز المصالح الآنية للدول، وتهدف إلى إعادة هندسة المنطقة بما يخدم مشروعًا طويل الأمد.

وأشار إلى أن شعوب الشرق الأوسط لا تزال مترددة في استيعاب حقيقة أن "الشرق الأوسط الجديد" لا يعني مجرد تغييرات في التوازنات السياسية، بقدر ما هو إعادة تشكيل شاملة تشمل تعديل الحدود الجغرافية، وتغيير التركيبة الديمغرافية، وإعادة توزيع الموارد والنفوذ وفق ترتيبات تخدم المصالح الكبرى للقوى المهيمنة، مصرحًا: "من يظن أن هذه التحولات تحدث بشكل عشوائي أو نتيجة لأزمات داخلية فقط، فهو يتجاهل السياق التاريخي الذي يربط بين ما يحدث اليوم وما جرى في الماضي من تقسيمات وإعادة ترسيم للخرائط السياسية".

وذكر النظامي أن تأكيد نتنياهو، وبكل ثقة، عدم قدرة أحد على الوقوف في وجهه من الشرق الأوسط، يستند إلى التزامات وتعهدات قديمة قدم المشروع الصهيوني ذاته، وهي تعهدات لم تأتِ من فراغ، وكانت جزءًا من تفاهمات أبرمت بين القوى الدولية والإقليمية التي وجدت في هذا المشروع أداة لتحقيق مصالحها، لذلك، فإن أي محاولة لمعارضة هذه الترتيبات قد تعني فقدان الامتيازات أو حتى تهديد وجود بعض الكيانات السياسية التي تقوم على دعم خارجي هش.

ودعا إلى قراءة التاريخ جيدًا، فهو المفتاح لفهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، دون لتشبث بالأوهام التي زرعت في العقول على مدار عقود، أو حتى المراهنة على سراب لا وجود له إلا في الخطابات العاطفية التي لا تصمد أمام الحقائق السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تتحكم في مصير المنطقة.

ولفت النظامي الانتباه إلى أن الحروب التي ستندلع على عدة جبهات في الشرق الأوسط، سواء بين إسرائيل ودول إقليمية أو بين قوى داخلية متصارعة، لن تكون سوى جزء من مسرحية جيوسياسية محسوبة النتائج، فهي صراعات تبدو في ظاهرها مواجهات شرسة، لكنها في جوهرها مجرد "أفلام أكشن" تخدم أهدافًا أكبر، وتسمح بخلق المبررات المطلوبة لإعادة ترسيم الحدود وتمكين القوى الكبرى من تحقيق أجنداتها.

واستطرد قائلًا إن نتنياهو ومن خلفه القوى الداعمة له سيحصلون على ما يريدونه، لأن اللعبة تجري وفق قواعد مرسومة مسبقًا، واللاعبون الحقيقيون يعرفون جيدًا أدوارهم ومساراتهم.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير