على الأردن الحذر مما يحدث... المحاريق يوضح لـ"أخبار الأردن"

{title}
أخبار الأردن -

قال الكاتب الصحفي سامح المحاريق إن ملف التهجير لم يُغلق نهائيًا، فقد أُعيدت مقاربته بأساليب أكثر هدوءًا وتدرجًا، إذ تم تفكيكه على مراحل ضمن إدارة ممنهجة لعملية التهجير القسري، فوفق بعض التقارير غير المتداولة على نطاق واسع، هناك مؤشرات على نقل حوالي 100 فلسطيني من غزة إلى إندونيسيا، في خطوة تعكس إمكانية وجود مخطط مستمر لكنه يتخذ أشكالًا مختلفة عن الطرح التقليدي للتهجير الجماعي القسري.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن ما يعزز هذه المخاوف هو ارتباط هذا السيناريو بمظاهر الاحتجاجات الأخيرة في غزة، لا سيما تلك التي خرجت في بيت لاهيا ضد حركة حماس، والتي قامت قناة الجزيرة – المعروفة بعلاقتها الوثيقة بالحركة – بتغطيتها، ما يشير إلى أن التحولات الجارية قد لا تكون مجرد احتجاجات معزولة، بقدر ما قد ترتبط بمناخ سياسي وإعلامي يُعاد تشكيله بطريقة تخدم أجندات أكبر.

وبيّن المحاريق أن التخوف الأكبر حاليًا يكمن في احتمالية حدوث تحول في الموقف المصري، وهو ما بدأت بعض المؤشرات تدل عليه، فقد ظهر مؤخرًا هاشتاغ "#افتحوا_المعابر"، والذي اكتسب زخمًا خلال اليومين الماضيين، مما قد يعكس تحولًا مزاجيًا في الشارع المصري، مدفوعًا بتأثير الإعلام الذي يلعب دورًا قويًا في تشكيل الرأي العام.

واستطرد قائلًا إن هذا التطور، وإن صحّت قراءته في هذا السياق، قد يكون تمهيدًا لمرحلة جديدة من الضغوط الإقليمية على غزة، سواء عبر تشديد الحصار، أو إعادة توجيه الخطاب السياسي المصري تجاه القطاع، وهو ما يستوجب متابعة دقيقة، خصوصًا أن أي تغيير في الموقف المصري ستكون له تداعيات مباشرة على الملف الفلسطيني ككل.

بينما قد لا يشكّل التهجير في غزة تهديدًا مباشرًا للأردن، فإن الخوف الحقيقي يتمثل في إمكانية استنساخ هذه التجربة في الضفة الغربية، وحتى الآن، لا يبدو واضحًا كيف يمكن تطبيق سيناريو مشابه هناك، لكن وجود مخططات مستمرة لإعادة هندسة المشهد السياسي والجغرافي في الضفة لا يمكن استبعاده، وفقًا لما ذكره المحاريق لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وأضاف أن أحد الأصوات التي حذّرت من هذا السيناريو كان عمر موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، الذي أشار إلى أن الأردن قد يواجه تداعيات خطيرة إذا ما تم الدفع باتجاه ما يُعرف بـ"الحل الأردني"، والذي يقوم على إعطاء المملكة ولاية أمنية وإدارية على ما تبقى من الضفة الغربية، في مقابل تصفية القضية الفلسطينية بشكل تدريجي.

وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن هامش المناورة أصبح أكثر ضيقًا من ذي قبل، حيث لم تعد هناك خيارات واسعة كما كان الحال في الفترات السابقة، فالأردن، الذي حذّر مبكرًا من مخاطر الانسياق وراء موجة التطبيع، يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أن أي عملية تطبيع لا تستند إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية ستظل صفقة غير متوازنة، تستهلك من الرصيد السياسي دون أن تضيف أي مكاسب استراتيجية.

ولفت المحاريق الانتباه إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة بشأن استئناف اتفاقيات إبراهيم تثير تساؤلات حول الطرف القادم الذي سيتم استقطابه في هذا المسار، وهو تطور يجب أن يحظى بمتابعة دقيقة من قبل صناع القرار في الأردن، لا سيما أن الخبرة الأردنية المستمدة من اتفاقية وادي عربة عام 1994 تثبت أن التطبيع الاقتصادي والسياسي مع إسرائيل لا يُنتج بالضرورة مكاسب للدول العربية ما لم يكن جزءًا من حل شامل للقضية الفلسطينية.

ونبّه إلى أنه لا يمكن للأردن أن يقف بمعزل عن هذه التحولات، لكنه في الوقت ذاته لا يستطيع الانسياق خلف تيار عام دون حساب دقيق للمآلات، ذلك أن المطلوب في هذه المرحلة هو إدارة توازن استراتيجي يراعي التغيرات الإقليمية، ويحافظ على المصالح الوطنية، دون الوقوع في فخ الاستسلام الكامل لمعادلات يتم فرضها من الخارج.

وقال المحاريق إن الأردن أمام مرحلة تتسم بالضبابية السياسية والتغيرات السريعة، ويبدو أن تحولات اللحظة الأخيرة ستكون العامل الحاسم في رسم اتجاه الأحداث، مما يتطلب مرونة في التحليل، وثباتًا في الموقف، وإدراكًا عميقًا لحقيقة أن ما يجري اليوم ليس سوى جزء من مشهد أكبر يُعاد تشكيله في المنطقة.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير