الخصاونة يعلق عبر "أخبار الأردن" على تجاوزات أخلاقية في برامج رمضانية

{title}
أخبار الأردن -

 

علّق الخبير القانوني والأخلاقي، الدكتور صخر الخصاونة، على التجاوزات الأخلاقية التي برزت في بعض البرامج المعروضة عبر القنوات الفضائية والمنصات الرقمية، معتبرًا أن عملية إنتاج ونشر المحتوى الإعلامي، سواء عبر المطبوعات أو الوسائل المرئية والمسموعة، تخضع لمنظومة قانونية وأخلاقية تهدف إلى الحفاظ على التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية المجتمعية.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه المنظومة لا تقتصر على منع التعدي على الخصوصية أو الإساءة للأفراد فحسب، وإنما تمتد إلى كبح أي محتوى من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو العرقية، والتحريض على الإرهاب، والإخلال بالسلم الاجتماعي، أو التأثير السلبي على الاستقرار الاقتصادي والمالي، مضيفًا أن المرخص يلتزم بمراعاة محددات صارمة تمنع المساس بالوحدة الوطنية أو الإساءة إلى علاقات الدولة الخارجية، وهو ما يشكل قاعدة أساسية في ضبط الإنتاج الإعلامي وتوجيهه نحو محتوى يتماشى مع القيم المجتمعية.

وبيّن الخصاونة أن ميثاق الشرف الصحفي جاء ليضع معايير أكثر دقة في تحديد طبيعة المحتوى المقبول، لا سيما فيما يتعلق بالأعمال الإعلامية ذات المستوى الفني المتدني التي تستهدف إثارة الغرائز أو الترويج لخطاب مبتذل يفتقر إلى البعد القيمي أو الفكري، ووفقًا لهذه الضوابط، يُحظر الانخراط في الإثارة الصحفية عبر تضخيم الجرائم والفضائح، واستخدام الألفاظ النابية، ونشر أخبار الدجالين والمشعوذين، والتلاعب بالصور لتحقيق أهداف تشويهية، أو تحريف البيانات بشكل يضلل الرأي العام، إذ يفترض بهذه القيود أن تؤدي إلى رفع مستوى الإنتاج الإعلامي، لكنها في كثير من الأحيان تصطدم بواقع مختلف تمامًا.

ونوّه إلى أنه من الملاحظ وجود حالة من الانفلات في بعض البرامج الرمضانية والمسلسلات التي تخرج عن السياقات المقبولة مجتمعيًا، سواء عبر الاستهزاء بقيم المجتمع، وتقديم محتوى هزيل فكريًا، أو تكريس مفاهيم سطحية لا تمتلك أي عمق فني أو ثقافي، والأمر اللافت في هذه الأعمال ليس فقط مضمونها، وإنما أيضًا حصانتها أمام المساءلة القانونية، حيث إنها غالبًا لا تتضمن مخالفات صريحة لنصوص القانون، فلا تستهدف أشخاصًا بعينهم بالتشهير أو القدح، ولا تطرح قضايا تمسّ الأمن العام أو تحرّض على العنف بشكل مباشر، وهو ما يجعل إخضاعها للرقابة القضائية مسألة معقدة.

ولفت الخصاونة الانتباه إلى أن "الطلب الجماهيري" في ظل هذا الفراغ التنظيمي هو المحرك الرئيس لاستمرار هذا النمط من الإنتاج الإعلامي، فبغض النظر عن مستوى العمل الفني أو قيمته الفكرية، فإن الإقبال الجماهيري عليه يُحوّله إلى منتج مطلوب، ما يدفع المنصات الإعلامية إلى إعادة إنتاجه وترويجه، استنادًا إلى القاعدة القائلة: " الجمهور عايز كده"، إذ تكمن هنا المعضلة الأساسية، حيث يتحول الإعلام من أداة تنويرية إلى سوقٍ تحكمه معادلات العرض والطلب بعيدًا عن أي اعتبار ثقافي أو مجتمعي.

ونبه إلى أن الحل لهذه الإشكالية يكمن في إعادة تشكيل الذائقة الجماهيرية عبر تعزيز الوعي النقدي لدى الجمهور، بحيث يصبح هو الرقيب الأول الذي يفرز المحتوى القيمي عن المحتوى الهابط، فطالما ظلّ هناك استهلاك واسع لهذا النوع من الأعمال، ستبقى الصناعة الإعلامية موجهة وفقًا لميول الجماهير، بغض النظر عن انعكاساتها على المنظومة الأخلاقية والفكرية للمجتمع، مضيفًا أن معركة ضبط المحتوى الإعلامي هي معركة وعي تتطلب جهدًا مجتمعيًا يقود إلى تحول ثقافي طويل الأمد، يتجاوز القوانين ليصل إلى جذور التلقي الجماهيري ذاته.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير