الشوبكي لـ"أخبار الأردن": خطط تطال اقتصاد الأردن ودول عربية أخرى

{title}
أخبار الأردن -

قال خبير الطاقة عامر الشوبكي إن التدهور الاقتصادي المتسارع الذي تشهده دول المنطقة، وعلى رأسها مصر ولبنان وسوريا وحتى الأردن، لم يكن محض صدفة أو نتاج ظروف طارئة، فهو نتيجة مسار طويل من السياسات الخاطئة، سواء على الصعيد الداخلي أو نتيجة لضغوط خارجية مرتبطة بصندوق النقد الدولي أو غيره من الجهات.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تراجع الدعم الخارجي لهذه الدول يصب في نهاية المطاف في خدمة أهداف استراتيجية تتجاوز الجوانب الاقتصادية، لتفتح الطريق أمام الأطماع الإسرائيلية، سواء عبر توسيع النفوذ، أو تمرير مشاريع كـ"صفقة القرن"، أو الدفع باتجاه التهجير القسري.

مصر: أزمة مركّبة وتبعات قاسية

وبيّن الشوبكي أن مصر تمرّ بأزمة اقتصادية خانقة، حيث هبطت قيمة الجنيه إلى مستويات غير مسبوقة، وارتفعت معدلات التضخم بصورة جنونية، في ظل تآكل القدرة الشرائية للطبقتين المتوسطة والفقيرة، مضيفًا أن المواطن المصري يعاني من ضيق معيشي متزايد، بينما تفرض الحكومة المزيد من الإجراءات التقشفية، امتثالًا لشروط صندوق النقد الدولي، الذي من المتوقع أن يضغط هذا العام باتجاه رفع الدعم عن الوقود بشكل كامل، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعاره بنسبة 100%، إلى جانب ذلك، شهدت البلاد توسعًا في مشروعات عملاقة لم تحقق عوائد مباشرة، مما فاقم الأزمة الاقتصادية وزاد من ارتهان القرار المصري للقروض الخارجية، وأضعف خياراتها السياسية والسيادية.

سوريا ولبنان: فوضى اقتصادية تخدم أهدافًا خارجية

وذكر أن سوريا تعاني من شلل اقتصادي شامل، فرغم محاولات الحكومة الحالية إعادة بناء المؤسسات، إلا أن الدولة لا تزال تواجه اختلالات حادة في السيطرة على مفاصلها الاقتصادية، ما أفسح المجال أمام التدخلات الإسرائيلية المستمرة، سواء عبر الغارات أو العمليات العسكرية المباشرة، متابعًا أنها فقدت نحو 80% من اقتصادها منذ عام 2011، ومع غياب الدعم الدولي والإقليمي، يزداد المشهد تعقيدًا، مما يضعف قدرة دمشق على التصدي لأي مشاريع تسعى لتغيير المعادلات على الأرض.

أما لبنان، فقد أصبح مثالًا صارخًا للدولة المفككة، التي لا تملك سيادتها الاقتصادية أو السياسية، ذلك أن الانهيار الاقتصادي الحاد جعل الدولة عاجزة عن مواجهة الأطماع الإسرائيلية، سواء البرية أو البحرية، حيث تستغل تل أبيب حالة الضعف اللبناني لفرض سيطرتها على الأراضي الحدودية وحقول الغاز في المياه الإقليمية، مشيرًا إلى أن العجز المالي وعدم قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات جذرية جعلا لبنان مكبلًا أمام أي مواجهة محتملة، سواء دبلوماسية أو عسكرية.

الأردن: ضغوط اقتصادية متواصلة ومخاطر سياسية

ونوّه الشوبكي إلى أن الأردن – ورغم حرصه - على الحفاظ على استقراره وسط أزمات المنطقة، إلا أن الضغوط الاقتصادية المستمرة تشكل تحديًا متزايدًا. ارتفعت نسبة الدين العام إلى أكثر من 115% من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل تزايد معدلات البطالة والفقر والعجز في الموازنة، مشيرًا إلى أن هذه الأوضاع الاقتصادية تجعل الأردن أكثر انشغالًا بمعالجة أزماته الداخلية، وأقل قدرة على مقاومة الضغوط الإقليمية والدولية، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا حساسة كالتوطين، وصفقة القرن، ومع ذلك، فإن الاستراتيجية التي انتهجتها القيادة الأردنية بقيادة جلالة الملك حافظت على موقف قوي في مواجهة هذه المخططات، رغم أن الخاصرة الاقتصادية لا تزال نقطة ضعف تحتاج إلى تحصين.

الانهيار الاقتصادي الممنهج: استراتيجية لإضعاف القرار السياسي

ولفت الانتباه إلى أنه لا يمكن فصل التدهور الاقتصادي المتزامن في دول الطوق والمنطقة عن السياق الاستراتيجي الإقليمي، فإشغال هذه الدول بأزماتها الداخلية بشكل مستمر يضعف قدرتها على التصدي لأي مشاريع إسرائيلية، سواء تلك التي تهدف إلى إعادة تشكيل ديموغرافي في فلسطين، أو تثبيت وقائع جديدة على الأرض كما حدث في الجولان وجنوب لبنان.

واستطرد الشوبكي قائلًا إن الضعف الاقتصادي لا يقتصر على كونه أزمة مالية، فهو بوابة لإضعاف الإرادة السياسية، وتعميق الارتهان للقوى الكبرى، ودفع الحكومات نحو الغرق في دوامات داخلية تمنعها من الوقوف في وجه مشاريع التهجير والتوسع والتطبيع القسري.

ونبه إلى أن المطلوب اليوم لا يرتبط بخطط إنقاذ اقتصادية داخلية، بقدر ما يتطلب منا وعي أعمق بحقيقة أن المعركة لم تعد تُخاض فقط على الأرض، وإنما في ميادين الاقتصاد، والسيادة الوطنية، والإعلام، والوعي العام، وهنا يأتي دور الصحافة والإعلام في كشف هذه المخططات، وفضح الاستراتيجيات الناعمة التي تُمرر تحت غطاء الاقتصاد، بينما تحمل في طياتها مشاريع تفتيت وهيمنة.

وفي هذا السياق، يبرز الدور المحوري للقيادة الأردنية في تحصين البلاد اقتصاديًا، ومنعها من أن تصبح لقمة سائغة أمام المشاريع الإسرائيلية، وهو ما يظهر جليًا في المواقف الثابتة للمملكة في مواجهة المخططات الإقليمية، رغم الضغوط السياسية والاقتصادية المتزايدة، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وقال الشوبكي إن الإمعان في هذا المشهد المتكامل، يصبح التساؤل عن عفوية هذا التدهور الاقتصادي أمرًا عبثيًا، إذ يبدو واضحًا أن هناك سياسة موجهة تسعى لإضعاف دول المنطقة، وإشغالها بأزماتها الداخلية، لجعلها أكثر هشاشة أمام المشاريع الإسرائيلية والأجندات الدولية، ومن هنا، فإن المواجهة لا تقتصر على الحلول الاقتصادية، وإنما تمتد إلى بناء وعي شعبي وإرادة سياسية قادرة على كسر هذه الدائرة الخانقة، واستعادة القرار الوطني المستقل.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير