منطق "الصفرية" وحلم سحق المقاومة... إسرائيل في ورطة

قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إن بنيامين نتنياهو يحاول إيصال رسالة ردع إلى المحيط الإقليمي، مفادها أنه يخوض القتال على عدة جبهات ويحقق الانتصارات، غير أن الواقع يشير إلى أنه لا يواجه جيوشًا نظامية، بل يصطدم من الناحية الاستراتيجية بفواعل عنيفة دون الدولة، مثل حماس والحوثيين وحزب الله وسوريا وغيرها.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الكيان الإسرائيلي لم يُغلق أي جبهة، وأي وقف لإطلاق النار يظل مؤقتًا لا دائمًا، ما يجعل احتمالية استئناف القتال قائمة على جميع الجبهات، وعليه، لم يكن تجدد العدوان على غزة مفاجئًا، بل كان متوقعًا، كما أن تصاعد التوتر على مختلف الجبهات يضع المنطقة في حالة خطيرة ويزيد الأوضاع تعقيدًا، في ظل تعنّت الاحتلال وغطرسته في التعامل مع الجميع.
وبيّن الروسان أن نتنياهو لا يرى أن غالبية الرأي العام الإسرائيلي تطالبه بإنهاء الحرب على غزة والتوجه نحو صفقة لتبادل الأسرى، وهو ما قد يفتح المجال أمام انفراجة شاملة على مستوى المنطقة، لكن من الواضح أن مصلحة إسرائيل لا تكمن في توسيع رقعة القتال، خاصة في ظل الأزمات الداخلية التي تعصف بها، ومن أبرز هذه الأزمات رفض قوات الاحتياط المشاركة في الحرب على غزة، معتبرين أنها تُخاض لأهداف سياسية تتعلق ببقاء نتنياهو وائتلافه في السلطة، مع ما يضاف إلى ذلك الصراعات الدائرة بين المستوى الأمني والسياسي، خصوصًا بين رئيس الشاباك رونين بار والمؤسسة السياسية، فضلًا عن الأزمة مع المستشارة القضائية للحكومة، والتحضيرات لتمرير الميزانية التي يحتاجها نتنياهو لضمان بقائه عامًا آخر في السلطة.
وفقًا للجنرال جيورا إيلاند، يمكن تحقيق بعض الأهداف من خلال الخطة العربية المطروحة، وعبر ترتيبات أمنية داخل قطاع غزة، لكن المسألة تظل مرتبطة بمصالح نتنياهو واعتباراته التكتيكية، أكثر من ارتباطها برؤية استراتيجية لدولة الاحتلال، وما يزيد الأمر تعقيدًا هو محدودية الدعم الذي يمكن للأطراف الحليفة لغزة تقديمه، من طهران إلى العراق، مرورًا بسوريا ولبنان واليمن، في وقت يتبدد فيه الرهان على صحوة عربية، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ونوّه الروسان إلى أن هذه الحرب تُدار بمنطق "الصفرية"، حيث يسعى الاحتلال إلى حسمها عبر سحق حماس، بما يتماهى مع استراتيجية ترامب الجديدة التي تقوم على فرض السلام بالقوة، ودفع سكان غزة إلى التهجير، سواء عبر الحصار والتضييق أو من خلال تهجيرهم القسري.
واستطرد قائلًا إن العملية الجارية في غزة أثرت على الخطة العربية، إذ إن إعادة الإعمار كانت جزءًا من المرحلة الثالثة في اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن هذا الاتفاق لم يعد قائمًا، وفي الميدان، توغل جيش الاحتلال في غزة واحتل محور نتساريم، وهو ما أدى إلى عودة إيتمار بن غفير للحكومة، إلى جانب بتسلئيل سموتريتش، مع استمرار التمسك العلني بخطة تهجير سكان غزة، ما يجعل هذه الفكرة أكثر واقعية من أي وقت مضى، إلا أن الأخطر من ذلك أن الاحتلال يواصل عدوانه على غزة بينما يصعّد عمليات الاستيطان في الضفة الغربية، في محاولة لصرف الأنظار عن عمليات التهويد المتسارعة هناك.
وتابع أن مصير غزة يبقى مرهونًا بصمود أبنائها وقدرتهم على تحمّل هذا الجحيم الذي يُلقى على رؤوسهم خلال شهر رمضان المبارك، إلى جانب استمرار المقاومة في عملياتها، ما قد يعيد الجنود الإسرائيليين إلى بلادهم محمولين في الأكياس السوداء.