حتى نفهم ما يجري في سوريا... إليكم التالي

قال الباحث في العلاقات الدولية والشأن الأمريكي الدكتور كمال الزغول إن المشهد السوري يشهد تطورات متسارعة تعكس تشابك المصالح الإقليمية والدولية، إذ بات واضحًا أن الفاعلين الرئيسيين يسعون إلى إعادة تموضع استراتيجي في ضوء المتغيرات الجيوسياسية الراهنة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن زيارة وزير الخارجية السوري لم تأتِ بالتزامن مع وصول قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، إلى دمشق عبر مروحية أمريكية، كما قد يُعتقد، فقد وقع الاتفاق بين عبدي ودمشق قبل زيارة الشيباني للعراق، ما يشير إلى أن الحضور الأمريكي في هذه المعادلة لم يكن مباشرًا، إلا أنه تجلى في تأمين الظروف الأمنية لكلا الطرفين، فحماية الشيباني للوصول إلى العراق، وتأمين عبدي للوصول إلى دمشق وتوقيع الاتفاق، يعكسان دورًا غير معلن لكنه فاعل في ترتيب المشهد، بما يتجاوز مجرد المصادفة الزمنية.
وبيّن الزغول أن تركيز العديد من المراقبين انحصر في ربط الضربة الأمريكية لليمن بمسألة ممرات الملاحة البحرية والتصعيد الجاري في غزة، غير أن هذا التحليل يغفل بُعدًا جوهريًا يتمثل في أن الضربة كانت، في جزء كبير منها، خطوة استباقية تهدف إلى تقويض أي مساعٍ إيرانية لإعادة ترسيخ نفوذها في سوريا، ولا سيما في أعقاب المحاولات الانقلابية الأخيرة التي شهدها الساحل السوري.
وذكر أن هذه الخطوة الأمريكية تأتي في سياق أوسع لاحتواء إيران وضمان عدم عودتها طرفًا فاعلًا في المعادلة السورية، عبر توجيه ضربات استباقية لإضعاف خياراتها العسكرية والسياسية.
وأشار الزغول إلى أن إسرائيل لطالما فضّلت سيناريو تفكيك الدولة السورية، إلا أن ذلك يتعارض مع المصالح التركية - الأمريكية التي تسعى إلى تحجيم نفوذ التحالف الروسي - الإيراني في المنطقة، وعليه، فإن المخاوف الإسرائيلية تظل مسألة ثانوية قابلة للحل في إطار الأولويات الاستراتيجية الأمريكية الكبرى في الشرق الأوسط.
ونبّه إلى أن أي رهانات على انهيار الدولة السورية تبدو قاصرة عن إدراك حقيقة التوازنات القائمة، ويجدر بالمتابعين التوقف عن إذكاء الفتن التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد في المشهد الإقليمي.