أبو زيد لـ"أخبار الأردن": مفاجآت بانتظار إسرائيل في غزة واليمن
أكد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد سعي الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض معادلة تفاوضية مختلة التوازن، تتأسس على منطق تفاوض المنتصر مع المهزوم، في محاولة لترسيخ واقع سياسي يخدم مصالحه الاستراتيجية بعيدة المدى.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة تأتي في سياق الجهود الحثيثة التي يبذلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتصدير أزماته الداخلية المتفاقمة، وعلى رأسها أزمة التصويت على الموازنة العامة، التي باتت تمثل تهديدًا وجوديًا لاستمرارية حكومته في ظل الاستقطابات الحادة داخل الائتلاف الحاكم.
وبيّن أبو زيد أن نتنياهو يحاول جاهدًا تأمين دعم القوى اليمينية المتطرفة، وعلى رأسها زعيم حزب "القوة اليهودية" إيتمار بن غفير، عبر تقديم تنازلات جوهرية تتمثل في تصعيد العمليات العسكرية ضد قطاع غزة، وإعادة السيطرة على "نتساريم"، إلى جانب الإطاحة بمدير جهاز الشاباك، وذلك لضمان تصويت كتلة بن غفير لصالح الموازنة، مشيرًا إلى أن فشل نتنياهو في تأمين هذا الدعم، سيدخل حكومته في أزمة بنيوية قد تفضي إلى انهيارها بالكامل.
أما على المستوى الميداني، نوّه إلى أن ما يجري عسكريًا لا يعكس توجهًا نحو عملية واسعة النطاق، وإنما يندرج ضمن إطار "العمليات الانتقائية المحدودة"، حيث يعتمد الاحتلال على تكتيك التوغل بقوات صغيرة في مناطق محددة، في خطوة تهدف إلى اختبار مدى جاهزية المقاومة الفلسطينية، واستكشاف قدراتها القتالية التي عملت على ترميمها وإعادة هيكلتها خلال فترة وقف إطلاق النار السابقة.
وأضاف أن المقاومة الفلسطينية، وهي تدرك تمامًا أهداف الاحتلال من تجدد القتال، تتعامل مع المشهد بمنهجية محسوبة، تقوم على تجريد الاحتلال من تحقيق أي مكاسب ميدانية أو سياسية، وهو ما يفسر تكتيكاتها المدروسة التي تتسم بالبطء المحسوب، لا بوصفه مؤشرًا على تراجع أو ضعف، وإنما كأداة استراتيجية تهدف إلى استنزاف الاحتلال وتشتيت قراراته العسكرية، وصولًا إلى إفشال مجمل رهاناته القتالية.
وفيما يتعلق بالسياق الإقليمي الأوسع، وتحديدًا ما يجري في اليمن، شدد أبو زيد على أن الإدارة الأمريكية تسعى بشكل حثيث إلى تحييد الجبهة الحوثية، وإبقائها تحت السيطرة، لمنع أي تأثير مباشر لها على مسار المواجهة في غزة، وإفساح المجال أمام الاحتلال لممارسة أقصى درجات الضغط العسكري والسياسي على المقاومة الفلسطينية، في محاولة لدفعها نحو تقديم تنازلات جوهرية.
ولفت الانتباه إلى أن المشهد اليمني أعقد بكثير مما يتصور صناع القرار في واشنطن وتل أبيب، إذ إن التباينات الجغرافية والديموغرافية، فضلًا عن طبيعة التوازنات العسكرية القائمة، تجعل من فرض معادلة إقليمية مستقرة أمرًا بالغ الصعوبة، كما أن استمرار الحوثيين في فرض معادلات قوة جديدة يمنحهم هامشًا واسعًا من المناورة، ما يعني أن قدرتهم على التأثير في مجريات الصراع في غزة ستظل قائمة، بل مرشحة للتصاعد، الأمر الذي يربك الحسابات الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء، ويفرض واقعًا أكثر تعقيدًا على معادلات الاشتباك الإقليمي.