"الأكراد قوة لسوريا وليس خنجرا في ظهرها"

أحمد الرقب
وقع امس الاثنين، اتفاق بين الرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، والذي تمحور حول ضم قوات سوريا الديمقراطية لمؤسسات الدولة.
وفيما يلي بنود الاتفاق:
1-ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.
2-المجتمع الكردي - مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.
3-وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية.
4- دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.
5-ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.
6-دعم الدولة السورية في مكافحتها فلول الأسد) وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها.
7-رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري.
8- تسعى اللجان التنفيذية إلى تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.
الدلالات السياسية والعسكرية للاتفاق
قال المحلل السياسي حسن البراري، إن الشرع حسنا صنع في تفويت الفرصة على من يسعى لتقسيم سوريا، فالاتفاق مع الأكراد كان ضروريا وسيشكل حجر الزاوية في قطع الطريق على محاولات خلق واقع يمهد للتقسيم.
وأضاف البراري أن لفهم هذه الخطوة اللافتة لا بد من التوقف عند دور تركيا التي تحظى بنفوذ واسع في سوريا هذه الأيام. ومن دون شك، يعد دور أنقره في هذا الحدث محوريا، فتركيا لطالما كانت قلقة بشأن تحركات الأكراد في سوريا، خاصة مع صلتهم بحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية.
ومن جهة أخرى، رأى البراري أن تركيا تسعى إلى ضمان عدم تحول سوريا إلى قاعدة خلفية للنشاطات الكردية المسلحة، وهو ما دفعها إلى دعم الحلول السياسية التي تعزز من استقرار المنطقة. فاتفاق قسد مع النظام السوري يمكن أن يسهم في الحد من نفوذ الجماعات الكردية المسلحة على الحدود التركية، وبالتالي يقلل من المخاوف الأمنية التركية، لاسيما أن أنقره تسعى أيضا إلى الحفاظ على توازن القوى في المنطقة بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية، ولهذا يعتبر دورها في تحريك الأحداث بشكل غير مباشر من خلال الضغط على الأطراف المعنية أمرًا بالغ الأهمية.
وذكر البراري أن هناك انتقادات واسعة (بعضها صحيح )على اخفاق الرئيس السوري أحمد الشرع في خلق انطباع بأن الحكم السوري الجديد هو لكل السوريين، وعليه فإن أحداث التمرد في سوريا من قبل فلول قوات الأسد ,ساهمت في تغيير بوصلة أحمد الشرع نحو ضرورة توحيد الجبهة الداخلية. ومع تراجع اهتمام الولايات المتحدة بالأكراد، وجد الشرع في التوصل إلى اتفاق مع قسد خطوة استراتيجية لضمان استقرار المنطقة وتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات العسكرية والسياسية الراهنة.
من جانبه، قال المحامي سميح العجارمة، إن اتفاق قسد والشرع أقوى خطوة سياسية وعسكرية ذكية نفذها الشرع بعد تحرير سوريا من ايران وذنبها الأسد، فالآن الأكراد قوة لسوريا وليس خنجراً في ظهر الدولة الجديدة، ومن المعروف أن الأكراد أهل قوة وسياسة، لذلك اليوم سوريا الجديدة أقوى من الأمس بعد دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن قوات وجيش الدولة السورية الجديدة.
بدوره، قال المحلل السياسي أشرف ريحان، إن الاتفاق الذي وقعه الرئيس السوري احمد الشرع و قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، لا يمثل إلا إعلان نوايا عام ومبهم يحمل في طياته الكثير من التفاصيل وشياطينها، وأظنني غير متفائل بالقدر الذي تروج له القنوات الفضائية، اذ ينطلق الطرفان في اتفاقهما هذا من جملة من الضغوط والمتغيرات التي تواجههما، فالأكراد قلقون جدا من الإدارة الأميركية الجديدة التي اختبروها سابقاً وفهموا الى أي مدى يمكنهم فيه تجاوزهم والتغاضي عن مصالحهم، بالطبع العدو الأول واللدود والذي يتربص بهم والمتمثل في تركيا يمثل الخطر الأكبر والوجودي اذا ما غضت واشنطن الطرف عن مساعدتهم، وسوريا بعد الأسد ليس كمل قبلها، فالجيش الحر المدعوم من أنقرة والإدارة الجديدة في دمشق لن تصبر طويلاً على تعنت الاكراد، و الحديث من منطلق الاستقواء التي كانت تتحدث فيه، وما حدث في الساحل كان بمثابة جرس إنذار احمر لهم.
ونوه ريحان إلى أن الشرع يسعى لتثبيت حكمه، ويريد تقديم أوراق اعتماده بشكل سلمي للمجتمع الدولي، وينتظر عودة ثلث البلاد الى دمشق، ويهتم في الموارد الاقتصادية المتمثلة بالنفط والغاز، ولا يملك العديد والعتاد ولا الضوء الأخضر الأميركي لقتال قسد، ويمني النفس أن هذه الخطوة قد تقود الدروز لطاولة الحوار، ويريد التجاوز مسرعاً لأحداث الساحل واللغط الذي واكبه هناك وحالة التجاوزات.
ورأى أن ما حدث هو هدنة بين الطرفين برعاية أميركية وغضب تركي مكتوم يهدف بالمقام الأول لتثبيت الاستقرار ومنع حالة الاقتتال على أساس عرقي او أثني ولو كان مؤقتاً، بالطبع هذا يعني غلبة تيار الاستقرار في البيت الأبيض في سوريا على تيار الدعم المطلق لإسرائيل في عربدتها لو أنه انتصار مؤقت لربما.
ووفق ريحان، فإن هذا الاتفاق يحد من هامش مناورة إسرائيل في الازمة السورية ولو ظاهرياً او مؤقتاً ، حيث سينحصر لعبهم في الجنوب والجنوب الغربي من سوريا وتحديداً مع بعض مشايخ الدروز، وهو ما سيزعجهم كثيراً.
وختم قائلا: "ما حدث اليوم هو استراحة محارب لطرفين يعانون بشكل كبير من مشاكل داخلية وبنيوية، يسعون بهذا الاتفاق لكسب الوقت وشراءه لترتيب أوراقهم بعيدا عن ضجيج المدافع وصليات الرشاشات".