النظامي لـ"أخبار الأردن": النار ستأكل الجميع ما لم تستقر سوريا

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الباحث المشارك في مركز الدراسات السياسي والاجتماعي الأمريكي علي النظامي إن مسألة وحدة الأراضي السورية وأمنها واستقرارها تحولت إلى مسؤولية عربية وإقليمية ودولية مشتركة، إذ أن أي اضطراب في هذا التوازن الهش سيؤدي إلى تداعيات كارثية تتجاوز حدود سوريا، وربما تشعل فتيل أزمة إقليمية ذات أبعاد دولية غير مسبوقة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن البلاد شهدت بعد أيام فقط من انعقاد المؤتمر الوطني السوري والإعلان عن تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد يمهّد للانتقال إلى "سوريا الجديدة"، تحركًا عسكريًا مريبًا قادته فلول النظام السابق، مدعومةً بأطراف خارجية تسعى إلى تقويض أي عملية سياسية تهدف إلى توحيد سوريا وضمان انتقالها السلمي نحو الاستقرار وإعادة الإعمار.

وبيّن النظامي أن هذا التمرد خُطط له بدقة وبتمويل وتسليح ممنهج لإجهاض أي مسعى يضمن طي صفحة الماضي والانطلاق نحو مستقبل أكثر استقرارًا، مضيفًا أن الاعتقاد بأن توقيت هذا التحرك جاء صدفة فهو تفكير واهم، إذ إن أي تحول سياسي في سوريا يهدد بإحداث تغييرات جذرية في موازين القوى الإقليمية، فإقرار دستور جديد لا يعني فقط طي صفحة النظام البعثي بشكل نهائي، وإنما يمثل ضربة قاصمة للأطماع الإيرانية في سوريا، التي كانت تراهن على بقاء نفوذها عبر شبكة من الميليشيات والمصالح الاستراتيجية الممتدة من العراق إلى لبنان.

وذكر أنه يُعد عقبة أمام أي محاولات إسرائيلية لاستثمار الفراغ السياسي لصالحها، ويضع حدًا لطموحات القوى الانفصالية التي تسعى إلى إعادة رسم الجغرافيا السياسية في شمال سوريا.

ونوّه النظامي إلى أن التصعيد الذي أقدمت عليه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق البلاد، والذي قوبل برد عسكري عنيف من قبل سلاح الجو التركي، يكشف عن أزمة عميقة داخل الحركة الكردية المسلحة، فقد جاءت الخطوة في وقت حساس، خصوصًا بعد إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، حل الحزب ودعوته أتباعه إلى التخلي عن السلاح، ما أضعف موقف "قسد" وأبرز حجم التباينات داخل البيت الكردي نفسه، ومع تصاعد الضغوط العسكرية والدبلوماسية، تبدو المواجهة مع "قسد" في شمال شرق سوريا حتمية، خاصة في ظل استنفاد القيادة السورية الجديدة لكل الخيارات السياسية الممكنة.

ونوّه إلى أن التحقيقات الجارية حول أحداث اللاذقية كشفت عن تورط عناصر غير سورية في التمرد، ما يثير تساؤلات حول الأيادي الخارجية التي تحرك خيوط المشهد، ذلك أن فرار عدد من العناصر المسلحة إلى القواعد الروسية، ورفض موسكو استقبالهم في بادئ الأمر قبل أن تعود وتسمح لهم بالدخول، يشير إلى حساسية الوضع وتعقيداته، وربما إلى صراعات خفية داخل معسكر الحلفاء المفترضين.

واستطرد النظامي قائلًا إن القيادة السورية الجديدة تمكّنت من إحباط هذا الانقلاب أو ما يمكن وصفه بـ"الثورة المضادة"، وهو أمر لم يكن مفاجئًا، لكنه عكس مدى التماسك الداخلي للدولة الوليدة، كما أن المشاركة الواسعة من مختلف مكونات الشعب السوري في التصدي لهذه المؤامرة أكدت عمق الوحدة الوطنية وعلى وجود دعم عربي ودولي غير معلن للقيادة الجديدة، في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

وأكد ما تمثله سوريا للمنطقة، فقد كانت في مرحلة ما تُعرف باسم "بلاد الشام الكبرى"، التي امتدت جغرافيًا لتشمل أجزاءً من لبنان والأردن، والعراق، وفلسطين، وتركيا، فهي ليست مجرد دولة أخرى في الإقليم، مضيفًا أن موقعها الجيوسياسي وتركيبتها الديمغرافية يمنحانها ثقلًا إقليميًا استثنائيًا، ولهذا السبب، فإن أي مساس بوحدتها وأمنها سيمتد تأثيره إلى المنطقة بأسرها، وربما إلى أوروبا، خاصة في ظل الأوضاع الجيوسياسية المتقلبة بعد الحرب في غزة، ما يجعل سوريا مرشحة لتكون نقطة الاشتعال الأولى في أي مواجهة إقليمية أو دولية مستقبلية.

وأشار النظامي إلى ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واستقرارها، لأن الفشل في تحقيق ذلك قد يفتح الباب أمام تداعيات خطيرة تهدد الأمن الإقليمي والدولي، وإذا لم تتكاتف الجهود العربية والدولية لضمان استقرار سوريا، فإن النيران التي تشتعل في دمشق اليوم قد تصل إلى ما هو أبعد من حدود الشرق الأوسط، لتتحول إلى أزمة عالمية قد تكون شرارة لحرب لا تُحمد عقباها.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية