الزبدة أم الزيوت النباتية.. أيهما أكثر صحة؟

أظهرت دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين من كلية الطب بجامعة هارفارد تأثيرات كبيرة لأنماط تناول الدهون المختلفة على صحة الإنسان. وقد تم تحليل الأنظمة الغذائية لأكثر من 221 ألف شخص في الولايات المتحدة على مدار 50 عاماً، وهو ما سمح بفهم أعمق لتأثير استهلاك الزبدة والزيوت النباتية على صحة القلب وطول العمر.

نتائج الدراسة

أوضحت نتائج الدراسة أن استبدال الزبدة بأي نوع من الزيوت النباتية يمكن أن يقلل من خطر الوفاة بنسبة تقارب 20%. كما تبين أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من الزبدة يواجهون خطر الوفاة بنسبة 15% أعلى مقارنة بمن يتناولون كميات أقل من الزبدة.

من جهة أخرى، يسهم استهلاك الزيوت النباتية، مثل زيت الذرة والزيتون وبذور اللفت، في تحسين الصحة العامة وإطالة العمر.

وقد بيّنت الدراسة كذلك أن كل زيادة يومية بمقدار 10 غرامات من الزيوت النباتية يمكن أن تقلل من خطر الوفاة بالسرطان بنسبة 11%، كما تساهم في خفض خطر الوفاة بسبب أمراض القلب بنسبة 6%. على النقيض، فإن زيادة استهلاك الزبدة بنفس الكمية يمكن أن ترفع خطر الوفاة بسبب السرطان بنسبة 12%.

تأثيرات الدهون المشبعة على الصحة

وفقاً للدكتور توم ساندرز، الأستاذ الفخري للتغذية في كلية كينغز بلندن، يرتبط استهلاك الزبدة بعمر أقصر مقارنة بالزيوت النباتية. حيث تحتوي الزبدة على نسبة عالية من الدهون المشبعة وبعض الأحماض الدهنية المتحولة، في حين أن زيوت فول الصويا والكانولا والزيتون تعد أكثر فائدة لصحة القلب بفضل احتوائها على الدهون غير المشبعة.

وأشار ساندرز إلى أن هذه الدراسة مهمة للغاية في ظل انتشار معلومات مغلوطة على وسائل التواصل الاجتماعي حول مخاطر الزيوت النباتية، مؤكداً أهمية الاعتماد على الأدلة العلمية الموثوقة عند اتخاذ قرارات غذائية.

الدهون المشبعة وتأثيرها السلبي على الكوليسترول

تعد الدهون المشبعة من العوامل الرئيسة التي تزيد من مستويات الكوليسترول الضار في الدم، مما يعزز من خطر الإصابة بأمراض القلب من خلال تراكم الدهون في الأوعية الدموية. هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى زيادة احتمالات الإصابة بالسكتات الدماغية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم الإفراط في استهلاك الدهون المشبعة في زيادة الوزن، وهو عامل رئيسي للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

لذلك، توصي مؤسسة القلب البريطانية باستبدال الزبدة بالسمن المصنوع من الزيوت النباتية، وذلك لاحتوائه على مستويات أعلى من الدهون الأحادية غير المشبعة والدهون المتعددة غير المشبعة المفيدة لصحة القلب.

الزيوت النباتية: الفوائد والمخاطر

على الرغم من الفوائد المحتملة للزيوت النباتية، فإن بعض الدراسات قد أظهرت أن زيوت البذور، مثل زيت عباد الشمس وبذور اللفت والذرة وبذور العنب، قد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض مثل السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والاكتئاب وحتى الزهايمر. يُعتقد أن هذا التأثير يرجع إلى احتواء زيوت البذور على مستويات مرتفعة من أحماض أوميغا 6 الدهنية، التي قد تساهم في تعزيز الالتهابات في الجسم، مما يزيد من نمو الأورام ويحد من قدرة الجسم على مكافحة السرطان.

وفي دراسة نُشرت في مجلة علم الأورام السريري، وجد الباحثون أن الرجال الذين يعانون من سرطان البروستات المبكر والذين استبعدوا زيوت البذور من نظامهم الغذائي واستبدلوها بمصادر غنية بأحماض أوميغا 3 مثل السلمون، شهدوا تباطؤًا في تقدم المرض.

ورغم هذه النتائج، ما زالت الحاجة قائمة لإجراء مزيد من الدراسات لفهم التأثيرات طويلة الأمد لمختلف أنواع الزيوت على الصحة.