4 عوامل وراء تعقيد المشهد السوري... المومني يوضح لـ"أخبار الأردن"
قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الأستاذ الدكتور حسن المومني إن الحالة السورية تُعدُّ من أعقد القضايا الإقليمية وأكثرها تشابكًا على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ ورثت الدولة السورية وضعًا بالغ التعقيد بفعل حرب أهلية مستعرة امتدت لأكثر من أربعة عشر عامًا، أفضت إلى انهيار شبه كامل في البنية الاقتصادية ودمار واسع في مقومات التنمية، فضلًا عن تمزق النسيج الاجتماعي وتفككه بفعل الانقسامات الطائفية، والعرقية، والسياسية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تدخلُ قوى إقليمية ودولية قد فاقم هذا المشهد المُربك، ما جعل من سوريا ساحة لتصفية الحسابات وصراع النفوذ، مضيفًا أن الاستقرار النسبي الذي أعقب سقوط النظام السوري، لا يزال هشًّا ومُهدَّدًا في ظل عملية سياسية جارية تواجه الكثير من العراقيل والتحديات.
ورغم أن لهذه العملية أنصارًا يعوّلون عليها مدخلًا لاستعادة الأمن والسيادة، إلا أن هناك قطاعًا واسعًا من المشككين في جدواها، في ضوء استمرار التوجس والريبة حيال مخرجاتها وقدرتها على تلبية التطلعات الشعبية، وفقًا لما قاله المومني لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ونوّه إلى أن سوريا تقف عند مفترق طرق، حيث يرزح اقتصادها تحت وطأة الأزمات المتلاحقة التي أثقلت كاهله، بدءًا من انهيار العملة وارتفاع معدلات التضخم، وصولًا إلى نقص الموارد الأساسية وتدهور البنى التحتية، مع ما يضاف إلى ذلك من تعقيد المشهد السياسي، الذي يتطلب توافقًا شاملًا بين مختلف الأطراف الفاعلة، في ظل استقطابات حادة تعمّق من حالة الجمود والانقسام.
وفي الإطار الاجتماعي، أشار المومني إلى أن قضية الأقليات حجر عثرة أمام أي تسوية مستدامة، إذ تتشابك المسائل الثقافية والعرقية ضمن معادلة دقيقة وحساسة، فالمشكلة الكردية لا تزال عصية على الحل، كما أن قضايا الطائفة الدرزية والمسألة العلوية تُضيف مزيدًا من التعقيد إلى مشهد يعجّ بالتوترات المتأججة.
أما أمنيًا، نوّه إلى ما يواجه المشهد السوري من اختلالات عميقة تتطلب معالجة جذرية، في ظل محاولات حثيثة لخلق عملية سياسية ذات شرعية ومصداقية، ورغم انعقاد مؤتمرات للحوار الوطني وتشكيل لجان تسعى إلى ترسيخ الاستقرار، فإن هذه المبادرات لا تزال في مراحلها الأولية ولم ترقَ بعدُ إلى مستوى يُلبي طموحات الشعب السوري أو يُرسي دعائم الاستقرار المنشود.
وعلى المستوى الإقليمي، ذكر المومني أن الاستقطاب الحادّ يُفاقم من حالة عدم الاستقرار، حيث يلعب العامل التركي دورًا محوريًا في رسم المشهد الراهن، جنبًا إلى جنب مع الوجود الإسرائيلي الذي يُضيف بُعدًا آخر من التعقيد، مستطردًا أن الموقف الأمريكي يبقى مُلتبسًا وغير محسوم، ما يعكس ترددًا استراتيجيًا في التعامل مع الملف السوري، بينما، وفي المقابل، يُبدي الجانب الأوروبي انخراطًا محدودًا، اتسم في بعض الأحيان بمواقف إيجابية، دون أن يرقى إلى دور فاعل وحاسم.
ولفت الانتباه إلى أن مواقف الدول العربية لا تزال متباينة بين الحذر والتردد، ما يزيد من صعوبة بلورة رؤية موحدة إزاء الأزمة السورية، ورغم بروز بعض بوادر التفاؤل حيال إمكانية تحقيق استقرار نسبي، فإن المشهد لا يزال محفوفًا بالمخاطر، في ظل استمرار المخاوف من انتكاسات محتملة.
وتابع المومني أنه لا يمكن إغفال البعد الإقليمي المتشابك، حيث تتصاعد المواجهة غير المباشرة بين تركيا وإسرائيل، في حين أن إيران لم تُظهر حتى الآن دورًا فاعلًا أو مؤثرًا على نحو ملموس في المشهد السوري، أما التأثير العراقي، فيُضيف تعقيدًا إضافيًا إلى صورة تبدو بالغة التشابك.
وقال إن سوريا حالة شديدة التعقيد، تتطلب جهدًا استثنائيًا مُتعدد الأبعاد على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، من أجل صياغة حل شامل يُعيد بناء الدولة ويُرسي دعائم الاستقرار والتنمية، ويُداوي الجراح العميقة التي خلفتها سنوات الحرب الطويلة.

