"مات زويغ" يكشف تفاصيل "قانون قيصر" وأهدافه
روى المسؤول الأمريكي السابق مات زويغ، المعروف بلقب "كاتب قانون قيصر"، تفاصيل عملية صياغة القانون الذي أُقر قبل نحو عشر سنوات، موضحًا الدور الذي لعبه في ذلك.
وقال زويغ: "كنا مسؤولين عن الصياغة الفنية للقانون، لكن المؤلفين الرئيسيين كانا إليوت إنجل (ديمقراطي عن ولاية نيويورك)، الذي كان كبير النواب الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وإد رويس (جمهوري من ولاية كاليفورنيا)، رئيس اللجنة". وأوضح أن الهدف السياسي الأساسي للقانون كان "عزل النظام السوري واستهداف داعميه، كما ورد بوضوح في التشريع". وأضاف: "كان الهدف هو تغيير سلوك النظام السوري، والضغط عليه ليقود المسار السياسي في النهاية إلى تشكيل كيان حاكم جديد".
وفي سياق حديثه، كشف زويغ أن النائب الجمهوري إد رويس كان صاحب فكرة تسمية القانون بـ "قانون قيصر"، مشيرًا إلى أن الاسم كان بمثابة تحدٍ مباشر للنظام السوري وحلفائه، حيث ارتبط بالقضية الإنسانية التي تمثلت في تسريب الصور من داخل سوريا، والتي فضحت عمليات التعذيب من قبل النظام.
"قانون قيصر" يرتكز على "قيصر"
ويعود اسم "قانون قيصر" إلى فريد المذهان، المساعد الأول رئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية في دمشق، الذي انشق عن النظام السوري في عام 2013. وقام بتسريب نحو 55 ألف صورة لضحايا التعذيب التي وثقت عمليات القتل والتعذيب في سجون النظام بين عامي 2011 و2014. وقد أكد محققون دوليون مصداقية تلك الصور في تقرير صدر في عام 2014، ما جعل منها دليلاً رئيسيًا على الجرائم التي ارتكبها النظام السوري.
البداية مع "قانون محاسبة سوريا"
زويغ أشار إلى أن "قانون قيصر" لم يكن بداية العقوبات ضد النظام السوري، بل كان جزءًا من سلسلة عقوبات بدأت مع "قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية". هذا القانون، الذي صدر في 2003، كان يهدف إلى معاقبة سوريا على دعمها للمتمردين والجماعات الإرهابية في العراق، وتحديدًا تلك التي استهدفت القوات الأمريكية. ومن خلاله تم وضع الأسس القانونية التي سمحت بفرض عقوبات مشددة على سوريا.
وأضاف زويغ أن "قانون قيصر" بدأ يتشكل أثناء حصار حلب، الذي كان واحدًا من أكثر الفصول وحشية في الحرب السورية، بين مارس ومايو 2016، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وأكد أن المشروع حظي بدعم واسع من الحزبين في الكونغرس، حيث كانت العقوبات مستهدفة بشكل أساسي النظام السوري وحلفاءه.
المرحلة التشريعية
وعن مرحلة إعداد التشريع، قال زويغ: "كنا مسؤولين عن الصياغة الفنية للقانون، بينما كان إليوت إنجل وإد رويس يتخذان القرارات الأساسية حول الأهداف والمواضيع التي يجب تضمينها في النص التشريعي". وأوضح أن فريق العمل كان يعمل على تحويل رؤية هؤلاء النواب إلى نصوص قانونية دقيقة، تترجم الأهداف السياسية إلى إجراءات ملموسة.
وأضاف أن التعليمات كانت واضحة: "صياغة تشريع يعزز العقوبات ضد النظام السوري وحلفائه". وكان الهدف الأساسي هو زيادة الضغط على النظام لدفعه إلى تغيير سلوكه، أو حتى الوصول إلى تحول سياسي شامل. وأكد زويغ أن التشريع كان متوافقًا إلى حد كبير مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي يدعو إلى وقف العقوبات شريطة توافر شروط سياسية محددة.
"الهدف تغيير السلوك"
وعن الهدف من التشريع، أكد زويغ أن الهدف الرئيس كان "تغيير سلوك النظام"، وليس إسقاطه. وأضاف: "لم يكن الهدف إسقاط النظام بشكل مباشر، بل كان الهدف ممارسة الضغط على النظام ليغير سلوكه، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تغيير في القيادة الحاكمة".
التطبيع العربي وتأثير "قانون قيصر"
من جانب آخر، سُئل زويغ عن تأثير "قانون قيصر" على محاولات التطبيع العربي مع النظام السوري. وأجاب: "نعم، أعتقد أن "قانون قيصر" كان له تأثير حاسم في الحد من محاولات التطبيع". وقال: "إن القانون كان يفرض عقوبات شديدة على أي جهة تتعامل مع النظام السوري أو تقوم بأي نشاط تطبيعي معه، مما جعل من الصعب على الدول العربية تطبيع العلاقات مع دمشق".
ورأى زويغ أن "قانون قيصر" كان في جزء منه محاولة لتقييد فرص التطبيع مع النظام السوري، على الرغم من أنه لم يكن الهدف الأساسي من التشريع. وأضاف أن "العقوبات الثانوية" التي فرضها القانون على الشركات التي قد تفكر في التعامل مع النظام، كانت تضغط بشكل كبير على أي محاولات لتطبيع العلاقات.
في النهاية، أكد زويغ أن "قانون قيصر" كان نتيجة لإجماع سياسي بين الحزبين في الكونغرس الأمريكي، وكان أداة فعالة في الضغط على النظام السوري وحلفائه. وأوضح أن التشريع نفسه كان خطوة مهمة في مسار العقوبات الأمريكية ضد سوريا، واستكمالًا للجهود الدولية لمحاسبة النظام على جرائمه ضد الشعب السوري.

