مخططات توراتية تستهدف أمن الأردن و3 دول أخرى

{title}
أخبار الأردن -

قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال عزل أي ملف عن الآخر، إذ إن ما يجري في سوريا ينعكس بشكل مباشر وغير مباشر على الأردن، وما يحدث في الأردن يمتد تأثيره إلى المناطق المجاورة. 

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الترابطية تفرض نفسها على المشهد السياسي والجيوستراتيجي، نظرًا للموقع الجغرافي الحساس الذي يشغله الأردن، حيث بات التأثر بالأحداث المحيطة سمة ثابتة في ديناميكياته السياسية والأمنية، مضيفًا أن الأردن أثبت مرارًا قدرته الفائقة على تجاوز الأزمات، مستندًا إلى تاريخه الطويل في التعاطي المرن والبراغماتي مع التحديات التي عصفت بالمنطقة.

ونوّه أبو زيد إلى أن المشهد السوري يتجه نحو مرحلة إعادة الترتيب أكثر من التصعيد، وذلك لعدة اعتبارات جوهرية، هي أن سوريا نجحت في تجاوز حافة الفوضى، وبدأت بإعادة ترتيب أوراقها الداخلية على نحو متدرج، كما شرعت في إعادة بناء أجهزتها الأمنية وتعزيز قدرات جيشها، وهو ما انعكس على انخراط غالبية الفصائل المسلحة ضمن إطار الجيش الوطني الجديد، متابعًا أن المشهد الكردي في شرق سوريا يشهد حالة من التهدئة النسبية، خاصة بعد استجابة الأكراد لدعوة عبد الله أوجلان بوضع السلاح جانبًا، ما يشي بانحسار احتمالات التصعيد والانفصال.

ولفت الانتباه إلى أن هذه الترتيبات الداخلية في سوريا تحمل انعكاسات حتمية على الأردن في مسارين رئيسيين هما المسار الاقتصادي، حيث يسعى الأردن إلى تعزيز انفتاحه الاقتصادي مع سوريا، والمسار الأمني، من خلال تكثيف جهود ضبط الحدود الشماليةـ إلا أن ما يستدعي الانتباه هو التوغل الإسرائيلي المتصاعد في جنوب غرب سوريا، والذي شهد تمددًا ملحوظًا خلال الأيام الأخيرة، فقد تجاوز الاحتلال الإسرائيلي خطي "ألفا" و"برافو" اللذين يفصلان مناطق فض الاشتباك، متقدمًا نحو حوض اليرموك والسيطرة على موارد مائية استراتيجية، مثل سد الجولان وسد المنطرة، والمزيريب ووادي زيزون.

وأشار أبو زيد إلى أن هذه التحركات الإسرائيلية، التي وصلت إلى مسافة 15 كيلومترًا من الحدود الأردنية السورية، تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي الأردني، بالنظر إلى أن هذه الموارد تغذي نهر اليرموك، والأخطر من ذلك، أن الاحتلال يقترب تدريجيًا من الطريق الدولي الرابط بين جنوب سوريا (درعا) وشمالها، وهو طريق حيوي يسعى الأردن إلى الحفاظ على انسيابية الحركة التجارية عبره.

واستطرد قائلًا إن المخاوف الأردنية تتزايد في ضوء تصريحات وزير الاستخبارات الإسرائيلي، التي أفصح فيها عن نوايا التمدد البري الإسرائيلي حتى مسافة 60 كيلومترًا داخل الأراضي السورية، وصولًا إلى السويداء، في تطلعاتٍ تعكس ما يُعرف في الأدبيات الصهيونية بممر "داوود"، والذي يجسد طموحًا توسعيًا مستندًا إلى اعتبارات توراتية ذات أبعاد استراتيجية.

يُراد للأردن، في ضوء هذه الترتيبات، أن يُحاصر بين فكي كماشة: من الشمال الغربي السوري عبر السيطرة على الموارد المائية الحيوية لحوض اليرموك، ومن الغرب عبر مخططات ضم المنطقة "ج" في الضفة الغربية، والتي تمتد على طول 93% من الحدود الأردنية – الفلسطينية، ليخلق هذا التمدد واقعًا جديدًا يُفضي إلى تضييق الخناق على الأردن، ويهدد استقراره الأمني والاقتصادي، وفقًا لما صرّح به أبو زيد لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وبيّن أن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الجديدة، التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الإسرائيلية مؤخرًا، تعد محصلة مراجعة شاملة لأخطاء 7 أكتوبر، ولمخرجات لجان التحقيق في الإخفاقات الإسرائيلية آنذاك، إذ تعتمد هذه الاستراتيجية على نقل المعركة إلى أراضي الخصم، عبر استبدال سياسة الدفاع في العمق بسياسة الهجوم الاستباقي.

ويتجلى تطبيق هذه الاستراتيجية في تمسك الاحتلال بخمس نقاط استراتيجية في جنوب لبنان، إلى جانب التوغل في جنوب غرب سوريا، وإقامة منطقة عازلة داخل قطاع غزة، كما يُعزز الاحتلال دفاعاته الإلكترونية والتكنولوجية داخل أراضيه، تحسبًا لأي تهديد مستقبلي، كما ذكر أبو زيد.

وذكر أن هذه التوجهات تعكس هاجس الاحتلال المزمن تجاه العوامل الديمغرافية، والجغرافية، والطوبوغرافية، والتي تمثل ثلاثة محاور رئيسية في عقيدته الأمنية، ويُترجم هذا الهوس إلى ممارسات عسكرية توسعية تهدف إلى تكريس واقع دائم من الحرب، ما يضمن استمرار هيمنة التيار اليميني المتطرف على مراكز صنع القرار في الكيان الصهيوني.

ونبّه أبو زيد من تصعيد الاحتلال عملياته العسكرية في الضفة الغربية، مستعينًا بوحدات مدرعة تقليدية مثل اللواء 188، في محاولة للحسم السريع، غير أن المقاومة الفلسطينية تبدي قدرة متزايدة على استنزاف الاحتلال عبر تكتيكات غير تقليدية، مثل زرع العبوات الناسفة، وهو ما برز جليًا في معارك مخيمات جنين ونور شمس والفارعة.

وتابع قائلًا إن هذه المقاومة تتخذ نهجًا تكتيكيًا مبتكرًا لتعويض الفجوة في العتاد والعدة، مستفيدة من الطبيعة الجغرافية المعقدة لمخيمات الضفة، ما يُربك الحسابات الإسرائيلية ويُضاعف من تكلفة أي اجتياح بري.

ودعا أبو زيد إلى اتخاذ إجراءات حازمة، ذلك أن التحديات الإقليمية التي يواجهها الأردن تتزايد، وبشكلٍ خاص مع استمرار التوغل الإسرائيلي في جنوب غرب سوريا، والتصعيد العسكري في الضفة الغربية، والضغوط المتزايدة في جنوب لبنان، الأمر الذي يفرض على الأردن إعادة تقييم سياساته الأمنية والدبلوماسية، بما يضمن الحفاظ على أمنه القومي ومصالحه الاستراتيجية وسط هذا المشهد الإقليمي المتغير والمتسارع.

 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية