قلق أردني يلوح في الأفق... الحلالمة يوضح لـ"أخبار الأردن"
قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور الحارث الحلالمة إن الساحة الدولية والإقليمية تشهد تحولات متسارعة تنذر بتغيرات جوهرية وعميقة في بنية النظام السياسي العالمي، إذ يُعَدُّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحد أبرز الفاعلين في توجيه مسارات هذه التحولات، فهو يسعى إلى تكريس صورته باعتباره صانع سلام قادرًا على فرض معادلات جديدة في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه في ظل تصاعد الحديث حول اقتراب التوصل إلى اتفاقٍ يفضي إلى وقف الحرب الروسية - الأوكرانية، يُعيد المبعوث الأمريكي، الذي حقق نجاحًا سابقًا في التوسط لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تموضعه طرفًا رئيسًا يُدير المفاوضات الرامية إلى الانتقال إلى مرحلة أكثر تعقيدًا ضمن صفقة شاملة.
وبيّن الحلالمة أن هذه المرحلة تتركز على ضمان وقف الأعمال العسكرية بصفة دائمة، مع الدفع باتجاه انسحابٍ إسرائيليٍّ كاملٍ وغير مشروط من قطاع غزة، بما يعكس محاولات واشنطن لإعادة صياغة التوازنات الإقليمية وفقًا لرؤيتها الاستراتيجية.
وذكر أن الإدارة الأمريكية تتماهى على نحو واضح مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف، حيث توفر غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا لعمليات عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية، قد تُفضي في نهاية المطاف إلى تهجيرٍ قسريٍّ للفلسطينيين وفرض واقع جديد يُمهِّد لضم الضفة الغربية بشكل ممنهج، مضيفًا أن الأمر لا يقتصر عند هذا الحد، ذلك أن هناك ضغوطًا مكثفة تمارَس على الأردن تُوظَّف فيها المساعدات الاقتصادية أداةً لابتزاز سياسي، في محاولة لفرض إملاءات أمريكية ترتكز على حلول تنطوي على مخاطر وجودية بالنسبة للأردن ومصر، وأبرزها مشاريع التهجير القسري باتجاههما.
ولفت الحلالمة أن الأردن تبنّى موقفًا حاسمًا لا يحتمل التأويل أو المساومة، مؤكّدًا رفضه المطلق والقاطع لأي حلول تأتي على حساب سيادته الوطنية أو تتناقض مع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والمشروعة، إذ شدّد الأردن، في أكثر من مناسبة، على أن حل الدولتين، الذي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، هو الإطار الوحيد الذي يمكن أن يُفضي إلى سلام دائم وعادل، مع التأكيد على ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، باعتباره حجر الأساس لأي تسوية سياسية شاملة.
ونوّه إلى أن القلق الأردني المتزايد ينطلق من قراءة استراتيجية دقيقة تُدرك أبعاد المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى فرض هندسة ديموغرافية جديدة من خلال تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية نحو الأراضي الأردنية، وهو ما اعتبرته الدولة الأردنية خطًا أحمر يُمثّل تهديدًا مباشرًا وصريحًا للأمن الوطني الأردني، بل ويصل إلى مستوى إعلان حرب يُهدّد استقرار المملكة ويقوّض مرتكزاتها السيادية.
واستطرد قائلًا إن الأردن يُعوّل على تشكيل موقف عربي صلب وموحّد، سعيًا إلى الخروج بقرار إستراتيجي يُرسِّخ رفضًا قاطعًا للتطبيع أو إقامة أي شكل من أشكال العلاقات مع إسرائيل ما لم يتم التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة تُفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وتضمن استعادة الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، باعتبار ذلك شرطًا لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار الإقليمي وإرساء قواعد سلام دائم ومستدام.

