هل الشعب الأردني مرهق أم عاطفي؟... كرادشة يجيب "أخبار الأردن"
يرى أستاذ علم الاجتماع، الدكتور منير كرادشة، أن المجتمع الأردني يظهر تفاعلًا عاطفيًا واضحًا مع القضايا الوطنية والإقليمية، حيث تغلب المشاعر على الحقائق في لحظات مفصلية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا التوجه، يعود إلى عوامل تاريخية ومعيشية متشابكة أسهمت في تشكيل وعي جمعي يميل إلى الاستجابة الوجدانية أكثر من التحليل العقلاني.
وبيّن كرادشة أن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة تدفع الأفراد للبحث عن مخرج نفسي يخفف من وطأة التحديات اليومية، الأمر الذي يجعل التفاعل العاطفي آلية للتكيف مع واقع معقد، مضيفًا أن الأزمات المتراكمة، مثل البطالة، والتضخم، وتراجع مستويات الدخل، تولد شعور جماعي بالإجهاد، تتجلى انعكاساته في استجابات وجدانية تعكس القلق وعدم اليقين.
وأضاف أن هذا التوجه لا يمكن تفسيره على أنه ظاهرة انفعالية، فهو تعبير عن إحساس جمعي بالإرهاق، حيث يصبح التعاطف العميق مع القضايا العامة وسيلة نفسية لمواجهة الإحباطات المتراكمة.
وأشار كرادشة إلى أن هذا النمط يزداد وضوحًا مع تراجع الثقة ببعض المؤسسات، وغياب الحلول الفعالة للمشكلات العالقة، الأمر الذي يسهم في تحويل العواطف إلى فضاء رمزي للتعبير عن استياء يتجاوز حدود القضية المباشرة، ليشمل أزمات أعمق في المشهد الاجتماعي.
ولفت الانتباه إلى أن هذا الميل العاطفي لا ينبغي اعتباره دليلًا على غياب الوعي أو ضعف الإدراك العقلاني، فالشعب الأردني يتمتع بوعي سياسي واجتماعي ناضج، إلا أنه يواجه تحديًا في تحقيق توازن بين العاطفة والواقعية السياسية، مضيفًا أن هناك حاجة ملحة لتوجيه هذا الزخم الوجداني نحو مسارات أكثر إنتاجية، حتى يتحول من استجابة انفعالية إلى قوة دافعة للتغيير والإصلاح المستدام.
وأكد كرادشة أهمية تعزيز أدوات التحليل النقدي في الخطاب المجتمعي، وإرساء ثقافة تستند إلى مزيج متزن من العقل والعاطفة، دون إغفال البعد الإنساني، مع الإبقاء على معايير موضوعية تساعد في قراءة الواقع بعمق ورؤية أكثر استشرافًا، فمن خلال هذا التوازن، يمكن تحويل المشاعر الجماعية إلى طاقة إيجابية تُسهم في بناء مجتمع أكثر استقرارًا وقدرة على تجاوز التحديات بوعي وإرادة.

